وبدأ المضيفون يقدمون للركاب الهدايا التذكارية وهي عبارة عن محفظة من البلاستيك بها قارورة عطر وجوارب متينة يلبسها الراكب بدلاً من النعلين لطول المسافة وأشياء أخرى وعندما بدأت أتصفح الجريدة فوجئت بأن زعيم اليمن الجنوبية سالم ربيع قد قتل وأن معارك تدور رحاها بين أعضاء الحزب الشيوعي الحاكم في عدن فذكرت بيت الشعر المشهور:
حقا وكل كاسر مكسور
حجج تهفات كالزجاج تخالها
وبدءوا يسألوننا بصفة خاصة عن الطعام الذي نريد، لأنا قد طلبنا من قبل طعاماً حلالاً، وأخذ زميلي يشرح ما نريد وما لا نريد والمضيفة تصغي وتفهم منه كلمات وتشكل عليها أخرى فتستفسر عنها إذا ظنت أنها فهمت منه ذهبت وجاء المضيف الآخر ليتأكد من صحة ما نقل ويؤكد اهتمامهم بتقديم ما نريد. وإنهم ليتفاهمون معنا وهم يستغربون من خوفنا وشكوكنا في أطعمتهم وأشربتهم وكنت أقول لزميلي أخبرهم أنا مسلمون وأن ديننا يحرم علينا ما فيه ضرر بأجسامنا أو عقولنا كالخنزير والخمر وكانوا إذا ذكر الإسلام أبدوا اهتماماً بنا وهزوا رؤوسهم تعجبا.
كرماء بالخمر بخلاء بالسكر:
وقدم الطعام، وجاء دور الشراب، فكانت قوارير الخمر وكؤوسها تحدث رنيناً والمضيفون والمضيفات يترددون على الزبائن كلما رأوا كأسا فارغة ملأوها لصاحبها ليشرب مرة أخرى وهم يقدمون للراكب أجود أنواع الخمر في مثل هذه الرحلات الطويلة، لا سيما ركاب الدرجة الأولى كما أنهم يسقونهم حتى لا تبقى بهم حاجة للسقي.