وجدوا ضالتهم المفقودة وأمنيتهم المنشودة في القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي الذي ترجمت له مواقفه المشهورة وأعماله المذكورة التي جعلته يقف في تاريخ الإسلام معلما فريدا وقمة شاهقة الذرى.. وأول شيء فعله أن عمد إلى الكلمة فجمعها، وإلى الصدع فرأبه، وإلى الصف فوحده، جاعلا من مصر والشام والجزيرة العربية وديار بكر أمة واحدة، وقوة ضاربة، واستنفرهم للجهاد في سبيل الله، وانصرف يتألَفهم بشتى الوسائل ومختلف الطرق، ولقد كانت غاية وعرة الطريق صعبة المنال كثيرة العقبات، ولكنه تخطاها واحدة وواحدة، بالصبر والحكمة، وقوة العزيمة وشدة شكيمته. يقول له وزيره القاضي الفاضل:"وليس لك من المسلمين كافة مساعد إلا بدعوة، ولا مجاهد معك إلا بلسانه، ولا خارج معك إلا بهمَ، ولا خارج بين يديك إلا بأجرة، ولا قانع منك إلا بزيادة، تشتري منهم الخطوات شبرا بذراع وذراعا بباع، تدعوهم إلى الله فكأنما تدعوهم لنفسك، وتسألهم الفريضة وكأنما تكلفهم النافلة، وتعرض عليهم الجنة وكأنك تريد أن تستأثر بها دونهم"[٢] .