ويا عجبا لأمر الجهل ماذا يصنع بصاحبه، يورده موارد الهلكة ويسلكه في قطيع التائهين.. ولو أن الأمر في تصرف الجاهل يقتصر على دائرة شخصية ضيقة لهان الخطب ونفعت الحيلة، ولكن الأمر يتعدى إلى دائرة أوسع وأشمل هي دائرة الجماعة, والطامة الكبرى في أولئك الذين يلصقون بالدين زورا وبهتانا ما ليس منه ويفترون عليه ما هو منه براء, الدين الذين قام عليه كيان الأمة وغذى تاريخها الحضاري - بل تاريخ الإنسانية -عبر قرون وقرون هذا الدين.. يحاول بعض الناس أن يكسوه لباسا نسيجه جهلهم وبلاهتهم ليبنوا للجهالة صرحا الذي يضمن استمرارهم على ما هم عليه وليسوغوا ذلك الانحراف الذي يتسربلونه، حين باتت العودة إلى مفهومات الإسلام الصحيحة والتزود بشيء من العلم والمعرفة من الأمور التي يتجافون عنها، وكأنما ضرب بينهم وبينها بسور لا يقضى عليه حتى يَلْفَظُوا أنفاسهم فيستريحوا ويريحوا, وتبارك الذي أنزل فيما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم:{فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} .
وأود - بجانب ذلك - أن أؤكد على التنبه إلى الالتزام النفسي الذي أشرت إليه من قريب؛ لأنه أمر في غاية الخطورة على حياة الأمة حين ننظر إلى الأمد البعيد ونحاول أن نضع القضية في إطارها الطبيعي.