للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعل ذلك كله هو السر الذي يكمن وراء الغثاء الذي تلقيه بعض الأفواه باسم الدين وتلقيه بعض الحناجر على منابر المسلمين في موضوعات تعرض - فيما تعرض - لأحدث مرحلة علمية وصل إليها فكر هذا الإنسان المخلوق حين استطاع - بعد أن زحف مئات ومئات الألوف من السنين - أن يصعد إلى القمر الذي قدره الله منازل والذي تفصله عن كوكبنا الأرضي مسافة تبلغ أربعمائة كيلومتر أو تزيد. والذي يحز في النفس أن هذا الغثاء يتمثل في قول بعضهم: "الصعود إلى القمر حرام". وقول آخرين من قبل: "هذا أمر لا يمكن أن يكون". وأمر ثالث بعد هذا كلِّه هو ما أصاب بعض النفوس الجاهلة أو المريضة من تعب حيال القضية الإيمانية الكبرى في وجود الله وقدرته سبحانه وتعالى, ناسين أنه عز وجل هو القاهر فوق عباده وأنه هو بكل شيء محيط وأنه هو الذي أودع في الكون ما أودع من خصائص وسخر ذلك للإنسان.

إلا أن القول بهذا كلِّه أو بشيء منه جهل بالعلم والإسلام معا, ولو ذكرنا أن الإسلام بدأ رسالته على الأرض بقوله تعالى: {اقْرَأ} ، وأن الآيات التي تكرم العلم وتحث عليه بلغت الحد الوافر في كتاب الله تعالى وأن رسول الله كان من وظيفته في هداية الناس كونه يعلمهم الكتاب والحكمة ويخرجهم من الظلمات إلى النور وأن في أحاديثه عليه الصلاة والسلام الكثير الكثير من النصوص التي تكرم العلم العلماء وأن ما وراء فرض العين من العلوم هو فرض كفاية ويشمل كثيرا من العلوم التجريبية التي تلمس آثارها اليوم عند أعدائنا الذين أمسكوا بزمام الحضارة الحديثة بلا أخلاق وسخروا شعوب العالم لأهوائهم وسلطانهم وما يبتغون.

وأن القرآن جعل طريقا واسعة رحبة من طريق الإيمان بالله التدبر والتفكر في السموات والأرض والنظر فيهما وفي هذا الخلق العجيب الذي تنزه عن التفاوت والعيب، كما أراد له الله أن يكون.. نعم لو ذكرنا ذلك - واليسير منه يكفي - لما كان هذا الذي نشكو منه اليوم.