للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم انظر إلى الآية الثانية {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ..} [٣٧] ..

كلما هالك تمثيل في موقف وانتقلت إلى غيره وجدت الموقف أشد هولا ًوهل هناك أشد رهبة وظلمة من أمواج بحر لجي بعضها فوق بعض يكتنفها سحاب مظلم؟ إن موقف الكفار الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله رهيب أرهب من أي شيء، وأعمالهم مظلمة بل أشد ظلاماً من الليل، وليس أمامهم بصيص من النور يهتدون به إلى سواء السبيل.

وهذا الانسجام في التنسيق بين الكلمات ظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض..

ينتقل بك إلى خضم لا تكاد تدرك فيه نفسك فتغمرك الخشية من جانب، وتمثل هؤلاء الضالين متخبطين في عالم أسود لا ينبلج له صبح ولا تطلع فيه الشمس، كما أن كلمات المشبه به المتسقة المترابطة توحي بالنهاية المحتومة التي تحيط بهؤلاء، وبقلوبهم الكالحة التي لا تنبض بالرحمة، ولا تلين للحق.

ثم تأمل هذه الآية {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} [٣٨] ..

إنها تمثل أعمال الكفار في ضياعها وذهابها إلى غير عودة بالرماد الهش الذي تذروه الرياح وتذهب به بددا إلى حيث لا يتجمع أبداً.