فهل عرف الدكتور الضبيب هذه الظروف التي أحاطت بالشاعر حافظ إبراهيم وأطلقت شاعريته بهذه القصيدة، وأظهرت غضبته العارمة على ذلك الوجه الذي لم يعجب الدكتور الناقد؟ وهل تصور الناقد مدى الحزن الذي أقام الشاعر وأقعده خوفا على العربية التي هوجمت في عقر دارها، فأطلقها نفثة مصدور علّ هناك من يسمع ومن يجيب؟..
على أية حال.. لقد كان موقف حافظ إبراهيم وقتذاك هو موقف كل غيور على لغة القرآن.. واستطاع هو وأمثاله من أهل اللسن والبيان أن يخرسوا ألسنة الباطل، وأن يعلو بفضل الله كلمة الحق.. وأقر العالم كله بسيادة العربية لغة القرآن- ولكن بعد جهاد طويل وعمر طويل كان نموذجا رائعا من نماذج الكفاح- وأصبحت العربية الآن بفضل الله أولا، ثم بوقفة هؤلاء الصامدين دفاعا عنها- أصبحت من لغات التخاطب في المحافل الدولية وأقيمت لها المجامع، وعقدت بها ومن أجلها المؤتمرات هنا وهناك، وأنشئت باسمها المعاهد والكليات في كثير من بقاع العالم الإسلامي، وإذن فقد تغيرت الظروف إلى حد كبير بين فترة كفاح مرير عاشها الشاعر حافظ إبراهيم، وفترة تعتبر من ثمار هذا الكفاح عاشها صقر ابن سالم الشبيب، ومن ثم لم يكن غريبا أن تكون القصيدة الأولى مفعمة بالأحزان وإن كانت لم تخل من أمل ومن حفز للهمم، خاصة وأن العربية فيها تتحدث عن مقومات نجاحها كما عبر عنها الشاعر حافظ إبراهيم: