كما أنه لم يكن غريبا أن يتفاءل صقر بن سالم الشبيب فيما قاله من شعره، وإن كان تفاؤلا لا يغري بإقدام أو إغراء وكيف يكون هناك إقدام أو إغراء لأبناء العربية بالعودة إلى لغتهم الأم، وهم يتصورن أنفسهم كالأنعام السائمة تعود إلى مرعاها، على حد تصوير الشاعر صقر بن الشبيب:
يمضي ولو حين من الأحيان
فتوقعي أن يرجعوا من قبل أن
(مرعى ولكن ليس كاسعدان) ؟
متمثلين لدى الرجوع بقولهم
وإذا كان الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته (الحزينة) قد استطاع أن يبرز لنا صوراً محددة تعبر عن سعة العربية وعمقها، وقوتها وتدفقها، وجمالها وطيب عنصرها، كل ذلك من خلال ثلاثة أبيات من قصيدته:
وما ضقت عن آي به وعظات
وسعت كتاب لفظاً وغاية
وتنسيق أسماء لمخترعات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي؟
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل استطاع صقر بن سالم أن يعبر عن مثل تلك المعاني في ستة أبيات من قصيدته (المتفائلة) هي كل ما قاله في هذا المجال، مجال الحديث عن العربية وما تتحلى به من مظاهر الحسن والجمال؟.. يقول الشاعر صقر:
وهم من الفصحى بخير مكان
إنا لنأمل في بنينا أن يروا
ما أضمرته حوادث الأزمان
كي يظهروا من حسنها وجمالهما
مغرى الفؤاد بحسنك الفتان
يا أيها اللغة الجميلة إنني
سر الجمال لديك عين جناني
ألقى جناني حب غيرك مذ رأت
فهواك سد منافذ السلوان
الحسن والإحسان فيك تكاملا
فهل زاد صقر في هذه الأبيات عن ذكر عبارات الإطراء المتراصة في وصف العربية بالحسن والجمال وأنه مغرى بحسنها الفتان، وأنه ما كادت عين جنانه ترق سر جمالها حتى ألقى حب غيرها وراءه ظهريا، وأنه سيظل أسير حبها بعد أن سد هواها عليه كل منافذ السلوان.. أما وقد تكامل فيها الحسن والإحسان، فالحر عبد الحسن والإحسان ...