فليس ثمة عنصر جديد في قصيدة صقر تفضل به على قصيدة حافظ من هذه الناحية، وغاية الأمر أن يقال: إن لكل من الشاعرين طريقته في دعوته حسبما أملته عليه الظروف التي عاشها.
بقى أن أشير إلى بعض الأخطاء التي وقعت في مقال الدكتور الضبيب ولعلها كانت من قبيل السهو وجل من لا يسهو..
من هذه الأخطاء ما يقوله عن عدم وجود إحساس داخلي بأهمية اللغة لا (كوسيلة) من وسائل التعبير فحسب، وإنما (كأداة) لصياغة الفكر (وكخصيصة) خالدة من خصائصنا المميزة و (كلسان) مقدس حمل إلينا كلام الله العزيز والمعروف أن (الكاف) تأتي إذا كان في الكلام ما يشعر بالتشبيه ولا تشبيه هنا، ومن ثم فالتعبير الصحيح أن يقال: (لا باعتبارها وسيلة.. وإنما باعتبارها أداة لصياغة الفكر، وباعتبارها.. الخ.. كذلك يقول الدكتور:"ويقدم إليه بطاقة سوداء تعزية بهذه اللغة"والأصح أن يقول: "تعزية في هذه اللغة"فالميت لا يعزى به وإنما يعزى فيه..
ثم إن أخشى ما أخشاه من قبل ومن بعد أن تضيق علينا لغتنا العربية على اتساعها، فلا نجد ما يساعفنا في التعبير عنها وبها، ونظل كذلك حتى يأتي اليوم الذي يصدق علينا فيه قول العربية على لسان حافظ إبراهيم:
رجالا وأكفان وأدت بناتي!!
ولدت ولما لم أجد لعرائسي
وخلاصة القول.. هي أننا إذا حاولنا النظر في المقال وفيما جاء فيه من نقد لحافظ إبراهيم وقصيدته، فإننا نجده نقدا شخصيا خالصا، يصدر فيه الناقد عن رأيه الشخصي وحده، ولا أعتقد أن هناك واحدا من قراء العربية الآن يجهل حافظ إبراهيم ولا الناقد بمستطيع أن ينتزع منه انتزاعا تذوقنا لشعر حافظ إبراهيم..