للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحقيقة الأمر أنه ليس هناك ما يدعو إلى الدهشة من النتائج الفاشلة، التي انتهى إليها أولئك العاملون على محاربة الإدمان، فالإباحة (للخمر) مهما كانت مفيدة، فلابد أن تنتهي بشارب الخمر إلى سوء الاستعمال والتعود والإدمان، وذلك تمشيا مع ملابسات شرب الخمر وطبيعة الإدمان فيه؛ والتحذيرات من شراب الخمر، والدعايات المضادة له، يقابلها على الطرف الآخر وبقوة شديدة واقع معارض ممثلاً في صناعة الخمور ومصانعها التي تعد بالآلاف، وتجارة الخمور ومكاسبها التي تعد بالبلايين من الدولارات، وقوة نفوذ العاملين في صناعة وتجارة الخمور والمستهلكين لها من الحكام والساسة ورجال الأعمال ورجال الفكر ومشاهير الفنانين والفنانات، وهم جميعاً يشكلون القدوة والقيادة للمجتمعات البشرية المعاصرة بكل طبقاتها وثقافاتها ومعتقداتها وأجناسها وأقاليمها ودولها وتنظيماتها..

فأين قوة التحذير من قوة التحريض؟!! وأين قوة المنع والمعارضة من قوة النشر والمؤازرة. ثم يبرز بعد ذلك السؤال الحائر الذي يردده بانزعاج بعض دعاة الإصلاح: ما السبب في صمود مشاكل الإدمان، لا بل واستفحالها عاماً بعد عام رغم جود الإصلاح والعلاج؟!.

ويأتي الجواب سريعا: ليست هناك جدية أو صدق نية لحل هذه المشاكل؛ كما أن تعارض أسلوب الحياة المعاصرة بكل انحرافاته مع وسائل العلاج والإصلاح يجهض كل محاولات المصلحين، والنفسانيين والأطباء المعالجين، ويجهض قوانين الدول مهما بلغت من الصرامة. ولا يعقل ولا يتوقع أن يتم القضاء على مشكلة الإدمان الكحولي، وشراب الخمور، بينما قادة الأمم ورجال السياسة والفكر ورجال المال والصناعة واقتصاديات كثير من الدول ووسائل الإعلام، وقوى الشر والفساد- في معظم أنحاء العالم- تعمل- وبضراوة- على الترويج لهذه المواد الضارة..