ولقد حقق هذا الهجوم أهم انتصاراته في داخل بيت المسلم، حيث ركز أصحابه على تحويل الحياة عن طريق تحويل المرأة المسلمة، فاستطاعوا عن طريق الكتاب المدرسي، والمدرس الموجه، والصحف الملونة المغوية والأشرطة الأجنبية والمقلدة، وعن طريق كل ما ابتكرته التكنولوجية الحديثة من وسائل الإغراء الإعلامي، استطاعوا أن يشككوا الفتاة المسلمة بكل فضائل الماضي، ويوقعوا في خلدها أن الحشمة الإسلامية ليست سوى القيد الذي يحول بينها وبين حقوقها الإنسانية.. وبذلك أصبح البيت الذي احتفظ بسلامته طوال الحقب إذ ظل مركز القيم الحية، ومنطلق المدد المجدد لطاقة الصمود أمام الأحداث، أصبح هذا البيت مع شديد الأسف على وشك أن يتخلى عن رسالته في تثبيت الأخلاق الإسلامية ومميزاتها العاصمة من الذوبان والانحلال.. ولا جرم أن هذا الوضع يمثل ذروة الكارثة في تاريخ الإسلام، وإذا لم تتجه الطاقات الإسلامية الواعية لمقاومته بكل ما تملك من القوة والحكمة، فستكون كل محاولة لوقف التدهور، ولتثبيت القيم الحضارية الإسلامية ضربا من العبث والجهد المهدور..
ألا إن نصر الله قريب:
ولكن من معجزات هذا الإسلام العظيم أنه مهما تكاثفت الأرزاء عليه لا ينفك محتفظا بحجته التي لا تدفع ونظرة ثاقبة إلى الوقائع الراهنة تؤكد أن ثمة طائفة من شباب الإسلام تمثل واحة الضوء في ظلمات التيه، الذي تتخبط البشرية في وحوله.. ومن عجيب أمرها أنها موجودة في كل قرية وحاضرة وإقليم من ديار الإسلام، وقد أعيت حيل الطواغيت فلم يطفئ نورها كبت، ولم يفل من عزيمتها إرهاب، بل إن الإرهاب والكبت ليضاعفان من تصميمها على إعلاء كلمة الله ...