للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الحرم المطهر الذي جعله الله مثابة للناس، يئوبون إليه بين الحين والآخر، ليستمتعوا في ظله بدفء العافية والهدوء، في معزل عن الشقاق والشحناء اللذين يزحمان مسالك الأرض، وأتم نعمته عليه بأن ألزم واردين ومجاوريه موجبات الأمن التي تجدد ما رث من وشائج الأخوة الإنسانية..

هذا الحرم الأمن ... أليس من غرائب المفارقات أن يعدو بعض الناس على حرمته، فيعكروا صفوه، ويخربوا أمنه، فيجنوا بذلك على أنفسهم أول ما يجنون، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟!..

أجل.. لقد وجد الشطان خلال التاريخ غير واحد من جنود الباطل يرتضون أن يمتطيهم للإساءة إلى بيت الله، الذي أقامه الله لاستقبال الوافدين إليه من عباده المتقين، فيردهم إلى ما فقدوه من حقيقتهم- ويتجلى عليهم بالنفحات القدسيات التي تفئ عليهم بما سلبوه من هناءتهم!.

ولم يقتصر ذلك على ظلمات الجاهلية، بل تجاوزها إلى تاريخ الإسلام أيضا..

لقد بدا أول عدوان في الجاهلية على كرامة هذا البيت بيد (عمرو بن لحي) يوم رفع فوقه صنمه الذي استورده من بلاد الروم، وما زال حتى أغرى الناس بالاستشفاع به إلى الله ... فكان ذلك مبدأ الزيغ عن ملة إبراهيم، إذ ما لبث الطواغيت المتتابعون على طريقه أن ملئوا شرفات البيت المطهر بهذه الأرجاس، إلى أن شاء الله أن ينكسها فيكنسها بيد خاتم رسل الله محيى ملة إبراهيم محمد صلى الله عليه وسلم..