للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ضاعف من وقع النكبة في البيت العتيق ذكريات لم تبرد جذوتها بعد عن مصير أخيه المسجد الأقصى، ومحاولات العدو التي لم تتوقف قط منذ أسبوع العار، لإزالة معالم الإسلام من حوله ومن تحته، ولا سيما أن روائح محاريبه وقبابه المحترقة بنيران الغدر اليهودي ما تزال تملأ صدور المسلمين، فتجدد شعورهم بهول المأساة التي لا تزداد على الأيام إلا تضخما وتفجرا.. وشتان بين جريمة يقترفها بحق المسجد الأقصى أحفاد القرود من سلالات قريظة والنضير وقينقاع، فلا يستغرب صدورها عن قتلة الأنبياء وسدنة الفساد العالمي، وأخرى تحمل كبرها طائفة تزعم أنها وقفت نفسها للدعوة إلى الله. وللذياد عن ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ومن هنا جاء حجم الجريمة مضاعفا أضعافا كثيرة، إذ كانت حتى الساعة بمثابة القمة بالنسبة إلى سائر أشكال العدوان التي تعرض لها البيت الحرام في الجاهلية وبعد الإسلام.. فوا أسفاه، ووا حسرتاه، ووا حزن أمتاه!..

وبعد.. فمن هم هؤلاء الأشقياء الذين بلغت بهم القحة والتهور والاستهتار بكرامة كل المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها.. إلى حد الإقدام على كل هذه الفجائع، التي تعجز عن ممارستها أمة من الشياطين؟!..

أسفهاء طمس الجهل بصائرهم، فلم يفرقوا بين حلال وحرام، ونور وظلام!؟.. أم هم حملة علم ضل بهم الطريق، فانزلقوا في هاوية (بلعام) الذي آتاه الله آياته، فعجز عن الارتفاع بها إلي الملأ الأعلى، فأخلد إلى الأرض واتبع هواه!.

إن فيهم لملامح من هؤلاء وأولئك، إلا أنهم سبقوا الفريقين في كبر جنايتهم على أنفسهم بعد جنا يتهم على أمن المؤمنين.