ثم الغرور الذي أفسد مقاييس أصحابه، فضيق عليهم مجال الرؤية، فلا يبصرون شيئا وراء منظورهم الكالح الكريه.
وإذا كان لإرهابي أوروبة وأمريكة واليابان والصين وما إليها بعض العذر في جنوحهم للجريمة بسبب فقدانهم أنوار الوحي، وتخبط أممهم في أوحال الفجور والطغيان، فأي عذر للمسلم في سلوك متاهات هؤلاء الكافرين، وبين يديه الصراط الذي لا يضل سالكه، وأمامه الدليل الذي لا يبرح يذكره بمسئوليته نحو أولئك الجانحين، وبرسالته التي هي الرحمة المهداة للعالمين! ... بلى ... إنه الغلو والغرور.
وقديما أخرج الغلو أمما من عبادة الله إلى عبادة الحجارة، نحتوها تماثيل لصالحيهم لتذكرهم بفضائلهم كيلا يفارقوها، ثم زين لهم الشيطان اتخاذها آلهة من دون الله ... كما زين للمخدوعين من المتأخرين اتخاذ شيوخهم آلهة، لا يعصون لهم أمرا ولا يخالفون لهم نهيا!
وقبل ذلك كان للغرور سلطانه على نزيل الملائكة، فأخرجه من رحمة الله إلى غضبه، وأخرج به قرونا بعد ذلك كثيرا من جنة الطاعة إلى جحيم المعصية التي أحالت الحياة البشرية مسرحا لصراع لا نهاية له مادام هناك إنسان وشيطان.
ولعمر الحق أن لفحة من هذا الغرور وذلك الغلو قد أصابت بلوثتها بعض ذوى الغيرة من أصحاب (القلوب الطيبة) فراحوا- عقيب الفتنة - يثيرونها شعواء على الجامعات الإسلامية، والسلفية، والملتزمين بالسنة النبوية، حتى سمحوا لأنفسهم بتحميلهم مسئولية الانحراف الذي زين لأصحابه ذلك العدوان الأثيم على حرم الله.- ولو هم رجعوا إلى عقولهم دون عصبيتهم لردوا كل اتهام من ذلك النوع الذميم، ولرددوا مع سلفهم الكريم قول ربهم العليم الحكيم:{سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ..