إنه الشيخ شعيب اسحق. كان الشيخ شعيب اسحق يملك قطعة من الأرض مقدارها ثمانية وعشرون فدانا، وهي كل ما يملكه وتعتبر من أجود الأراضي في يوغندا، وتقع في كوتومو على بعد (٤٧) ميلا من العاصمة كمبالا، وتنتج الموز الذي منه يأكلون، أو ما يسمونه الماتوكو، والماتوكو نوع من الموز يقطف أخضر ثم يطبخ ويؤكل بالمرق، وهذا الغذاء الرئيسي لسكان مناطق وسط أفريقيا، وهو لهم بمثابة الخبز لسكان الشرق الأوسط، وبمثابة الأرز لسكان الشرق الأقصى، وإلى جانب الموز تنتج الأرض المذكورة محصولا وفيرا من البن.
لقد قام الشيخ شعيب وهو حي يرزق الآن وعمره يقارب التسعين عاما أمد الله في عمره في العمل الصالح فأوقف أرضه تلك لله وبنى فيها ثلاث بنايات إحداها مسجدا جامع، والثانية مدرسة إسلامية، والثالثة أماكن للنوم؛ وقد سمى المدرسة المذكورة مدرسة الدين والتهذيب الإسلامي. ووفر لكل طالب يتعلم فيها أن يعيش في تلك المساكن ثم اشترط عليه بعد تخرجه أن يؤسس مع إخوانه في مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة في المناطق التي يكثر فيها المسيحيون والوثنيون، مدارس إسلامية، أو بتعبير أدق فروعا لمدرسته تحمل كل منها اسم (مدرسة الدين والتهذيب الإسلامية) وقد بلغ عددها حتى الآن سبع عشرة مدرسة، وأذكر أننا عند زيارتنا للمدرسة الأم في كوتومو حضرت صلاة الظهر فصلينا معا في المسجد، وكان المطر يهطل مدرارا، فتريثنا في المسجد حتى يخف نزول المطر وقد قدم الشيخ شعيب في المسجد شرابا من عصير الفاكهة للحاضرين، فكان أن بدأ بأحد التلاميذ وكان يجلس في وسط الصف وليس بأول الصف، ولما سألتهم عن السبب أجابوا بقولهم:"أن هذا الأخ دخل في الإسلام حديثا وجاء ليتعلم في المدرسة وقد ترك أهله وذويه، فله علينا حق التقديم والتكريم". وحدثنا بعض الشخصيات أن الذين دخلوا في الإسلام على يد الشيخ شعيب المذكور وتلامذته أكثر من مائتي ألف شخص.