وقد قال الله:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ثم قال: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} فمن أخبر الله أنه لا يخزيه يوم القيامة فقد شهد له باتباعه ملة إبراهيم حنيفا لا يجوز أن يجرح بالكذب، لأنه يستحيل أن يقول الله:{يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" فيطلق النبي صلى الله عليه وسلم إيجاب النار لمن أخبر الله أنه لا يخزيه يوم القيامة، بل الخطاب وقع على من بعد الصحابة.
وأما من شهد التنزيل، وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم فالثلب لهم غير حلال، والقدح فيهم ضد الإيمان والتنقيص لأحدهم نفس النفاق، لأنهم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلم.
وأن من تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيداعهم ما ولاه الله بيانه للناس لا يجرح، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يودع أصحابه الرسالة وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب إلا وهم عنده صادقون جائزوا الشهادة، ولو لم يكونوا كذلك لم يأمرهم بتبليغ من بعدهم ما شهدوا منه، لأنه لو كان كذلك لكان فيه قدحا في الرسالة، وكفى بمن عد له رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفا، وأن من بعد الصحابة ليسوا في مرتبهم.
والصحابة ندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}[١٧] .