وفي ٢/٨/١٣٩٨هـ جاء الأخ عبد الغفور فنقلنا إلى المسجد الجامع الذي يقيم فيه الجمعة والجماعة ويدرس الناس فيه كما يدرس بعض الأولاد، فانتظرنا في مكتبه الذي بجانب المسجد واستقبلنا فيه بعض أعضاء الجمعية المشرفة على المسجد بتحيات حارة لمسنا فيها العاطفة المتطلعة إلى زيارات العلماء لتلك البلاد.
وعندما حان الوقت أذن المؤذن في مكبر الصوت، وهذا أمر غير مألوف في بقية المساجد في الغرب، وذكر عبد الغفور أن بعض الناس قد أبدوا استياءهم من ذلك ولكن التصميم الحاصل من أعضاء الجمعية جعلهم يرفعون اسم الله عاليا في بلاد الكفر وقد لا يسمح لهم بالاستمرار في ذلك إذا طلب الجيران تدخل السلطات الحكومية.
وهنا تذكرت أن بعض الناس في بعض البلدان الإسلامية يحاولون أن يحدوا من رفع كلمة لا إله إلا الله في مكبرات الصوت وقت الآذان استجابة لرغبات من يغيظهم صوت الحق فقلت للهم يسر سبل إعلاء كلمتك على أرضك كلها على رغم أعداء دينك من الكفرة وأذنابهم.
وكنت أفكر في موضوع الخطبة، ولم أهتد إلى ذلك إلا قبيل صعودي المنبر، إذا ارتسم في ذهني الكلام على سورة العصر، وكنت علمت أن المسجد يحضره العمال والمثقفون من أطباء وغيرهم، وعندما يكون الحاضرون خليطا من المثقفين والعوام فإن مهمة الخطيب تكون صعبة، لأنه لا بد أن براعي هؤلاء وهؤلاء في أسلوب واحد لا يحس أحد الصنفين بمطبات وقد حاولت ذلك ما استطعت.
كأننا في أحد مساجد بلادنا المعمورة:
ولقد ازدحم المسجد بالمصلين حتى صلى كثير منهم في قاعته السفلى، وما كنت أظن أن أجد إلا صفا واحدا، ومع ذلك فإني كنت أحس أن الكلمة التي تخرج تجد لها قلوبا مفتوحة، لاحظت ذلك في وجوه المصلين وكأن على رأسهم الطير.