لقد تحطمت نظرية عدم وجود غير المادة أمام وجود الفكر والمشاعر والعقل وأمام الماديات التي يتعامل معها العلماء ولا ترى بالحواس. مثل الذرة وجزئياتها، كما أثبت العلم أن المادة ليست أزلية لأن تاريخها معروف. وأن المادة في أصغر ذراتها وتحللها وعناصرها الدقيقة اعتمدت وتعتمد في وجودها على غيرها، والأزلي هو الذي لا يعتمد في وجوده أو استمراره على غيره، والذي يعتمد في بقائه على شروط معينة أو ظروف معينة لا يمكن أن يكون أزليا. كالمادة التي أثبت العلماء أنها حادثة ومتحولة ومعتمدة على غيرها أما أن الحياة وجدت عن طريق المصادفة فهو افتراض يتعارض مع ما يدعيه الشيوعيون من قيام مذهبهم على العلم. ولم يعد عقل في الحياة مهما كان صغيرا أن يقبل تكون الحياة والكائنات من ذرات سابحة في الفضاء. وأكبر دليل على بطلان ذلك ما نراه في الحياة من تناسق وتنظيم وخضوع لقوانين معينة فالخالق المدبر وراء كل شيء نراه أو نعلمه في الحياة التي لا مجال فيها للمصادفة والعشوائية وإلا لما كان لكل كائن عناصره وقوانينه الدقيقة.
إن الإيمان بوجود خالق لهذا الكون ومدبر يقتضي الإيمان بالملائكة والجن. فالذي خلق من المادة إنسانا نراه ونسمعه يخلق منها ملائكة وجنا لا نراهم ولا نسمعهم. فالنار والنور ماديان وليست المادة وقفًا على ما تدركه حواسنا فقط، فالله وحده هو الذي ليس لوجوده صفة مادية لا واقعا ولا موضوعا فهو منزه عن الشبيه والمماثلة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وما عدا الله فهو الذي يماثل غيره تماثلا نسبيا.