للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعلنا نستطيع القول بأن الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا الإحساس وهذا المفهوم تنقسم إلى مجموعتين:

(١) المجموعة الأولى ترجع إلى الاضطراب في التكوين الثقافي والفكري والبيئي للنشء في المجتمع الإسلامي.

(٢) والمجوعة الثانية ترجع إلى كتب الأصول نفسها.

أما فيما يختص بالمجموعة الأولى من الأسباب، وهي التي ترجع إلى التكوين البيئي للنشء فهي تتمثل في تأثير أساليب الثقافات الأجنبية ومصطلحاتها وعباراتها في التكوين الثقافي لأبناء المسلمين، حدث ذلك منذ أن هجمت تلك الثقافات مع موجة الاستعمار لبلاد المسلمين وطفقت تنشئ أجيالا هي أقرب إلى ثقافات الأجنبية منها إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة والعلوم الإسلامية في مصادرها الأولية، فأصبح بذلك الناشئون بعيدين عن المصطلحات العلمية العربية والإسلامية وعن الألفاظ والعبارات التي تزخر بها كتب العلوم الإسلامية، ومن بينها كتب الأصول.

كذلك فإن الأجيال الإسلامية في العصور الحديثة تأثرت إلى حد كبير بالحملة المغرضة التي واجهتها كتب التراث في كثير من البلدان الإسلامية، تلك الحملة التي وصمت هذه الكتب بالجمود والتحجر، فعزف شباب المسلمين عن جهل عن تناول تلك الكتب وعن الاجتهاد في إدراك مضامينها، يضاف إلى ذلك ضعف اللغة العربية في جميع البلاد العربية والإسلامية، وعلم الأصول يتطلب في مقدمة ما يتطلب إدراك اللغة العربية إدراكا تاما ومعرفة أسرارها، كما أوضحنا من قبل.

كل ذلك ساعد على خمول كثير من الشباب وإحجامهم عن اقتحام هذه العلوم وسبر أغوارها، وتركوا ذلك إلى قلة متخصصة في فروع هذه العلوم، فأصبح من العسير عليهم -إن هم أرادوا العودة إلى كتب التراث - أن يتبينوا أساليب تلك الكتب.