أما المجموعة الثانية من أسباب النفور من علم الأصول، والتي ترجع إلى كتب الأصول نفسها، فهي تتلخص في أن كتب الأصول القديمة غالبا ما تركز على المصطلحات اللغوية واللفظية والمنطقية، وعلى مناقشة القول ورد المناقشة الخ - كما أشرنا - مما يبعد بالطالب عن المعنى المقصود أو يجعل من الصعب الخروج بنتيجة واضحة بينة.
كذلك فإن كتب الأصول كثيرا ما تقلل من إيراد الأمثلة التطبيقية للقواعد التي تناقشها، فمثلا تورد أحيانا مثالا واحدا لقضية أو قاعدة يكون الكتاب قد ناقشها طويلا، وربما لا تورد في بعض الأوقات أي مثال عقب مناقشة طويلة لبعض القواعد، وبذلك يفقد الدارس الجانب التطبيقي للعلم ويصعب عليه الربط بين القواعد الأصولية التي يقرؤها وبين الفقه التفصيلي فيفقد الهدف الرئيسي من علم الأصول.
فلو أن كتب الأصول زخرت بالأمثلة لكل قاعدة وبالتطبيق على المسائل الفقهية باستفاضة لساعد ذلك على جعل هذه المادة أكثر تشويقا، ولو أن الأستاذ الذي يقوم بتدريس علم الأصول في الجامعات والمعاهد يقوم بتوسيع الجانب التطبيقي وعرضه ومناقشته مع الدارسين لساعد ذلك أيضا على إيضاح خصوبة هذا العلم ودسامته.
إن أمنيتنا هي أن تميل الكتابات المعاصرة في علم الأصول إلى استجلاء عمق هذه المادة وغزارتها وأن يكثّف العمل في هذا الطريق حتى يدرك طلاب العلوم والمعرفة حقيقة علم الأصول ويكون الإقبال عليه كبيرا كما يكون طوعا واختيارا، وبذلك يعطى هذا العلم حقه من الاهتمام، وكما هو معلوم فإنه لا سبيل إلى الاجتهاد إلا بإدراك تام لهذا العلم.
إقبال العلماء في الماضي بمختلف تخصصاتهم على علم أصول الفقه: