ظل علم أصول الفقه وكذلك علم الفقه محط اهتمام المسلمين في الماضي على مر العصور، وظلا في مقدمة العلوم التي يندفع الدارسون لتلقيها وتدريسها، ولأن مجموع العلمين هو الذي يسترشد به الفرد والمجتمع في التصرفات والمسار وبه تبين أحكام أفعال البشر في دنياهم.
وكان عالم الأصول والفقه مقدما على غيره من العلماء لخطورة وأهمية ما يحمله، وهو الذي يولّى أخطر مناصب الدولة وهو القضاء وهو الذي يهرع إليه الناس في الفتوى لحل مشكلاتهم الفقهية التي تتعلق بدنياهم وأخراهم فهو في الحقيقة الموجه للمجتمع المسلم. ومن هنا كان الحادبون على صلاح المجتمع المسلم يحرصون على دخول ميدان الفقه وأصوله حتى يتمكنوا من القيام بدور في توجيه، المجتمع، خاصة قد كان الذي لا يعرف الفقه وأصوله لا يعتبر من ذوي العلم مهما بلغ من المعرفة في كثير من العلوم الأخرى.
ولنستمع إلى الإمام الجليل ابن الجوزي (سنة ٥٩٧هـ) وهو يتحدث عمّن يشتغلون بعلوم غير علوم الشريعة ثم يقتصرون عليها وهم يفخرون بتلك المعرفة، ونحن لا ننقل كلام ابن الجوزي للتقليل من العلوم الأخرى، ولكن لنوضح وجهة نظر الماضين، خاصة علماؤهم، فيمن يفرط في إدراك الشريعة وأصولها التي على رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية، يقول ابن الجوزي: