وكذلك ضريبة الخراج التي فرضها عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الأراضي التي فتحت في عهده ورأى عمر إبقاءها بيد أهلها، راعى في وضع الخراج عليها منتهى العدل والرفق بأهل الأرض كل على قدر طاقته، وما تحتمله الأرض من جودة يزكو بها زرعها، أو رداءة يقل بها انتاجها، وفي هذا يحدثنا القاضي أبو يوسف رحمه الله فيقول:"بعث عمر رضي الله عنه حذيفة بن اليمان على ما وراء دجلة، وبعث عثمان بن حنيف على ما دونه، فأتياه فسألهما كيف وضعتما على الأرض لعلكما كلفتما أهل عملكما ما لا يطيقون، فقال حذيفة: لقد تركت فضلا، وقال عثمان: لقد تركت الضعف ولو شئت لأخذته، فقال عمر عند ذلك: والله لئن بقيت لأرامل أهل العراق لأدعنهم لا يفتقرون لأمير بعدي"[١٦] .
أما قاعدة اليقين فإنا نراها ماثلة في جميع الضرائب الإسلامية.
فمقدار الواجب، وموعد الدفع، وكيفيته كل ذلك معلوم علما يقينيا في كل الضرائب.
فموعد أداء الواجب حين يحول الحول على المال في الزكاة والخراج، وعلى الشخص في الجزية، ويوم الحصاد في العشر ونصف العشر.
وجعل الشارع أداء الحق موكولا إلى رب المال في الأموال الباطنة؛ لأن في عدها على صاحبها حرجا وإضرارا به، والستر على الناس من محاسن الشريعة الإسلامية فوكل إلى رب المال الباطن أن يؤدي الواجب الذي عليه بوازع من دينه.
وطلب إلى ولاة الأمور أن يراعوا في تحصيل الأموال من أربابها وصرفها في مصارفها ما يقضي به العدل والرفق.