وقد حرص القاضي أبو يوسف رحمه الله أن يؤكد هذا المعنى لأمير المؤمنين هارون الرشيد ويشير به عليه يقول يوسف مخاطبا لهارون الرشيد في شأن من يوليه جباية الخراج: "وتقدم إلى من وليت ألا يكون عسوفا لأهل عمله، ولا محتقرا لهم، ولا مستخفا بهم ولكن يلبس لهم جلبابا من اللين يشوبه بطرف من الشدة والاستقصاء من غير أن يظلموا، أو يحملوا ما لا يجب عليهم، وأن تكون جبايته للخراج كما يرسم له وترك الابتداع فيما يعاملهم به، والمساواة بينهم في مجلسه ووجهه حتى يكون القريب والبعيد، والشريف والوضيع عنده في الحق سواء [١٧] .
وأما قاعدة الملاءمة والاقتصاد فتقضيهما المصلحة العامة التي يترسمها الشارع أينما وجدت، فقد روعي في تحصيل الضرائب الإسلامية وموعد جبايتها أكثر الأوقات ملاءمة للدافعين تيسيرا لهم ورحمة بهم.
وكانت الضرائب الإسلامية لا تكلف الدولة في النفقات على جبايتها إلا الشيء القليل، الأمر الذي يختلف عما تسير عليه كثير من الدول في العصر الحاضر حيث تعين لجمع الضرائب عددا من الكتبة، والمحصلين، والمراجعين وغيرهم ممن يمكن الاستغناء عن بعضهم وليس هناك حاجة لبقائهم.
والشروط التكميلية التي أضافها بعض علماء المالية نجدها أيضا متحققة فيما جاء به التشريع الإسلامي، فاشترط أن تكون الضريبة في صافي الدخل لا في أصول المال هذا الشرط مراعى في كل الضرائب الإسلامية.