فمن شروط الزكاة أن يكون المال الذي تجب فيه ناميا، وأن يحول عليه الحول الذي هو مظنة إنتاجه وإثماره، ومظنة لأن يكون أداء الزكاة منه من الثمرة لا من الأصل والخراج لا يؤخذ إلا من أرض أمكن زرعها، بل يروى عن الإمام مالك رحمه الله أنه لا يجبى إلا من أرض مزروعة بالفعل، أما إذا ترك ربها زرعها ولو مختارا فلا يؤخذ منها الخراج، وإنما شرط زرعها، أو إمكان زرعها لتكون الضريبة من ثمرتها ونمائها والعشر، ونصف العشر في الزكاة إنما يؤخذان من الثمر والزرع بعد بدوّ صلاحه واشتداده.
فمبادئ العدالة والاقتصاد، واليقين، والملاءمة، وغير ذلك مما ذكره علماء المالية والاقتصاد كل ذلك متحقق في النظام الضريبي في الإسلام، مما يدل على أنه نظام بلغ الغاية في الدقة، وتوخى العدالة {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} .
وقد سبق التشريع الإسلامي إلى تقرير مبدأ يعتبر من المبادئ الأساسية في علم الضرائب وهو مبدأ عدم تعدد الضرائب، وشرح فقهاء الإسلام حدود هذا المبدأ فقالوا: لا يجوز إيجاب زكاتين في حول واحد، وبسبب واحد.
ومما يلاحظ في أمر الضرائب الإسلامية، أن الإسلام لم يكتف ببيان أحكام الضريبة، بل حرص على التدقيق في اختيار رجال الضرائب الذين يقومون بجمعها ممن تجب عليهم، لأن العدالة في نظر الإسلام ليست في سَنِّ التشريع فقط بل هي مراعاة في حسن تطبيقه، ولذلك نرى القاضي أبو يوسف في كتابه "الخراج"يولي عناية كبيرة لمتولي جباية الخراج، ويدقق في أمر من يختار لهذه الوظيفة.