وهذه الضرائب الإسلامية التي تحدثنا عنها من زكاة، وجزية، وغنائم، وخراج، وعشور، كانت تمثل أهم موارد بيت المال المسلمين (خزانة الدولة الإسلامية) مضافا إليها ما يعثر عليه من معادن وركاز والتركات التي لا وارث لها، ومال الضوائع وكل مال لا يعرف له مالك فمآله إلى بيت مال المسلمين.
وقد يسأل بعض الناس قائلا: إذا كان دخل الخزانة العامة للدولة الإسلامية منحصرا في هذه الموارد، فهل تجيز الشريعة الإسلامية فرض ضرائب أخرى إذا لم تف هذه الموارد بحاجة الدولة الإسلامية؟ والجواب على ذلك: نص كثير من علماء الإسلام على أنه لا مانع من فرض ضرائب عادلة إذا دعت لذلك ضرورة ملحة، وليس في بيت المال ما يكفي لسدها.
وقد ذكر ابن العربي المالكي والقرطبي اتفاق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال إليها، ونقلا عن الإمام مالك - رحمه الله - قوله يجب على الناس فداء أسرهم وإن استغرق ذلك أموالهم [٢٠] .
ونص الإمام الغزالي والشاطبي على أنه إذا خلى بيت مال المسلمين من المال جاز للإمام - ولي الأمر - أن يفرض على الأغنياء ما يراه كافيا.
يقول الشاطبي في الاعتصام:"إذا قررنا إماما مطاعا مفتقرا إلى تكثير الجنود لسد الثغور، وحماية الملك المتسع الأقطار، وخلا بيت المال، وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم فللإمام إذا كان عدلا أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم - أي الجند - في المال إلى أن يظهر مال بيت المال".