ثم اتجه هولاكو على رأس جيشه إلى مدينة حارم الواقعة في الجنوب الغربي لمدينة حلب وحاصرها وطلب من أهلها تسليمها فأبوا أن يسلموها لغير فخر الدين والي قلعة حلب فاستدعاه هولاكو وسلموها إليه ولكن هولاكو غضب من ذلك وأمر بقتلهم فقتلوا جميعا وسبيت نساؤهم [١٧] .
ولما سمع أهل دمشق بما حلّ بإخوانهم من أهل حلب وحارم أرسلوا وفدا من الأعيان إلى هولاكو يعلنون الخضوع والولاء وتسليم المدينة فأمنهم على حياتهم ثم اضطر بعد ذلك إلى العودة إلى فارس حيث بلغه موت أخيه وغادر الشام في جمادى الآخرة سنة ٦٥٨هـ وترك جيشه تحت قيادة الأمير كيتوبوغا نويان ليحمي بلاد الشام ويتم فتح ما بقي من مدنها ثم يتجه إلى مصر.
وكان يحكم مصر إذ ذاك السلطان المنصور علي بن معز الدين أيبك أول سلاطين دولة المماليك البحرية وكان المنصور علي في الخامسة عشرة من عمره فجمع نائب السلطنة الأمير سيف الدين قطز مجلسا من الأمراء والعلماء وأعيان الدولة في أواخر سنة ٦٥٧هـ للنظر في أمر السلطنة وجمع المال اللازم للتجهيز لصد تيار المغول عن مصر واتفقت الكلمة على خلع المنصور علي لصغر سنه وتولية سيف الدين قطز السلطنة والاستعداد لصد موجة المغول عن مصر [١٨] .
وكان الملك الناصر يوسف الأيوبي صاحب حلب قد أرسل إلى مصر الصاحب كمال الدين المعروف بابن العديم يستنجد بها لصد تيار المغول المدمر فوصل إليها في أواخر أيام المنصور علي وحضر المجلس الذي قرر عزله ولما استقر لسيف الدين قطز ردّ على رسالة الملك الناصر بأنه سيصل إلى الشام على جناح السرعة لنجدته وعاد ابن العديم يحمل رد السلطان المظفر قطز [١٩] .