للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالثة: هي استخلافه عمر بن الخطاب على المسلمين ذلك الاستخلاف الذي لم تر الدنيا خيرا منه قط إلا ما كان من استخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم له رضي الله عنه، ذلك الاستخلاف الذي بدأه باستشارة خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا واحدا، فقد استشار عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد أسيد بن حضر في أناس من المهاجرين والأنصار وذلك لما ثقل في مرضه الذي توفي فيه...وقد قال له بعضهم: "ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلاف عمر علينا وقد ترى غلظته؟ ". وقال أبو بكر: "بالله تخوفوني؟ أقول: اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت من وراءك". ثم دعا عثمان فقال: "اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمر عثمان فخرج بالكتاب مختوما، فبايع الناس ورضوا به.

فكان في هذه الخلافة من عز الإسلام وامتداد سلطانه، ونصرة المسلمين وصلاح حالهم ما لم يكن يخطر على بال أحد، فدلت هذه وسابقتاها على ما أوتي أبو بكر من رجاحة العقل، وكماله وكمال العقل ورجاحته من ضروريات الداعي الناجح ومن أخص صفاته الكمالية.

شجاعته: