إن عدل عمر قد طبقت لشهرته الآفاق، وما هناك من المسلمين من يذكر لديه عمر ولم يذكر عدله في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم استخلف عليها حتى كان لفظ العدل مقرونا في ذهن كل مؤمن يا ابن الخطاب رضي الله عنه وكعدله شدته في الحق وعدم تساهله في شيء منه ولنذكر بعض مظاهر عدل عمر وشدته في الحق، ذكر ابن سعد عن الأحنف بن قيس قال:"كنا جلوسا بباب عمر رضي الله عنه فمرت جارية فقالوا: "هذه سرية أمير المؤمنين"، فقال عمر: "ما هي لأمير المؤمنين سرية، ولا تحل له، إنها من مال الله تعال"ى، فقلنا: "ماذا يحل له من مال الله تعالى"، قال: "ألا لا يحل لعمر من مال الله تعالى إلا حلتين: حلة للشتاء وحلة للصيف، وما أحج به واعتمر، وقوتي وقت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجل من المسلمين" وقال خزيمة بن ثابت رضي الله عنه: "كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له واشترط عليه أن لا يركب برذونا ولا يأكل فقيا ولا يلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات، فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة".
وروى ابن جرير قال: أخبرني من أصدقه أن عمر بينما هو يطوف عاسّا متفقدا أحوال الناس ليلا سمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسودّ جانبه
وأرّقني أن لا خليل ألاعبه
فو الله لولا الله تخشى عواقبه
لزحزح من هذا السرير جوانبه
فقال عمر: "مالك؟ "قالت: "أغزيت زوجي منذ أشهر، وقد اشتقت إليه"، قال: "أردت سوءا؟ "قالت: "معاذ الله"، فقال: "فأملكي عليك نفسك فإنما هو البريد إليه".
فبعث إليه: ثم دخل على حفصة فقال: "إني سائلك عن أمر أهمني فأفرجيه عني، كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ " فخفضت حفصة رأسها واستحت، فقال لها عمر: "إن الله لا يستحيي من الحق"، فأشارت بيدها ثلاثة أشهر وإلا فأربعة أشهر، فكتب عمر ألا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر.