وذكره محمد بن عبد الكريم الشَّهْرَسْتاني في كتاب "الملل والنِّحَل" لما سَرَد أسامي فلاسفة الإِسلام فقال: وعلَّامة القوم أبو علي بن سِيْنَاء، كان طريقتُه أدق، ونظره في الحقائق أغْوَص، وكلُّ الصَّيد في جوف الفَرَا.
وقال ابن أبي الدَّمّ الحَمَوي الفقيه الشافعي شارح "الوسيط" في كتابه "الملل والنحل": لم يقم أحد من هؤلاء، يعني فلاسفة الإسلام، مقامَ أبي نصر الفارابي، وأبي علي بن سِيناء، وكان أبو علي أقومَ الرَّجلين وأعلَمَهم.
إلى أن قال: وقد اتفق العلماء على أن ابن سيناء كان يقول بقِدَم العالم، ونَفْي المَعاد الجِسماني، ولا يُنكِر المعاد النَّفْساني، ونقل عنه أنه قال: إن الله لا يعلم الجُزئيات بعلم جُزئي، بل بعلم كُلّي.
فقطع علماءُ زمانه ومَنْ بعدهم من الأئمة ممن يعتبر قولهم أصولًا وفروعًا بكُفره وبكُفر أبي نصر الفارابي من أجل اعتقاد هذه المسائل، وأنها خلافُ اعتقاد المسلمين.
ثم قال أبو عُبيد الجُوزجاني في آخر "الجزء" الذي جمعه في أخبار ابن سيناء] (١)، وكان يعتمد على قُوة مِزاجه، حتى صار أمره إلى أن أخذه القُولَنْج، حتى حَقَن نفسه في يومٍ ثماني مرات، فظهر به سَحَجٌ، ثم صُرع فنقل إلى أصبهان، واشتدّ ضعفه، ثم اغتسل وتابَ وتصدَّق ورد كثيرًا من المظالم، ولازم التلاوة.
ومات بهمَذَان في يوم الجمعة في رمضان سنة ٤٢٨ وله ثمان وخمسون سنة.
ومن شعره:
نعوذ بك اللهمّ من شَرِّ فتنةٍ … تُطَوِّق مَنْ حَلّتْ به عِيْشةً ضَنْكا