ثم قول صاحب "اللسان": "ووجه استبعاد المصنف … إلخ" ليس بوجيه، بناءً على أنه كان دأبُ المأمون وعادتُه قديمًا أنه يناظر عنده أصحاب المذاهب المختلفة، وهو يستمع معهم ولا ينكر شيئًا منهم إنكارًا يؤدي إلى طردٍ وزجرٍ وترتيبِ جزاءٍ لمن خالف رأيه، إلى أن استقر ورسخ في قلبه القولُ بخلق القرآن بعد مناظرات طويلة، ومباحثات عظيمة مع الموافق والمخالف. وبعد هذا الرسوخ أنكر إنكارًا عظيمًا لمن خالفه، بل رتب عليه الجزاء بالنفي والقتل، والمناظرة المذكورة في كتاب "الحيدة" كانت قبل رسوخ المأمون في القول بخلق القرآن، وقبل استقرار ذلك في قلبه، وجميع ما ذكرنا ظاهر من كتاب "الحيدة" لمن له قلب سليم". انتهى التعليق. قلت: وقول هذا المعلِّق: "ولم يكن للذهبي برهانٌ … " ليس بوجيه، لأن بُرهان الذهبي ظاهر من كلامه، وهو أن الدَّعَّاء هذا انفرد برواية هذا الكتاب عن مصنفه، وهو متَّهم بالكذب والوضع، فيحتمل أنه وضعه على عبد العزيز ونسبه إليه، لأن الذهبي يستبعد وقوع المناظرة عند المأمون، وبيَّن ابن حجر وجه استبعاد الذهبي. ٦٦٦٣ - الميزان ٣: ٥١٨، ضعفاء ابن الجوزي ٣: ٥٢، المغني ٢: ٥٦٩، المقفى الكبير ٥: ٥٥٥.