للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥٥٠ - الحسين بن عبد الله [بن الحسن بن علي] بن سيناء أبو علي الرئيس.]

ما أعلمه روى شيئا من العلم ولو روى لما حلت الرواية عنه لأنه فلسفي النحلة ضال لا رضي الله عنه , انتهى. ⦗١٧٧⦘

واسم جده الحسن بن علي بن سيناء حكى عن نفسه قال كان أبي من أهل بلخ فسكن بخارى وتولى التصرف فلما كملت عشر سنين أتيت على القرآن وكثير من الأدب.

وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين وكان يعد من الإسماعيلية فكانوا ربما أجروا ذكر ذلك فلا تقبله نفسي ووجهني إلى من يعلمني الحساب وترددت في الفقه إلى الشيخ إسماعيل الزاهد.

ثم قدم أبو عبد الله الناتلي الفيلسوف فبدأت عليه بكتاب إيساغوجي حتى قرأت عليه ظواهر المنطق فأما ديانته فلم يكن عنده منها خبر ثم أخذت أقرأ على نفسي حتى أحكمت المنطق وأقليدس والمجسطي.

ثم سافر الشيخ وأخذت في الطبيعي والإلهي ورغبت في الطب وبرزت فيه في مديدة حتى بدأ الأطباء يقرؤون علي وتعاهدت المرضى فانفتح علي من أبواب المعالجات النفيسة من التجربة ما لا يوصف.

وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأناظر فيه ولازمت العلم سنة ونصفا ما نمت ليلة واحدة بطولها وكنت كلما تحيرت في مسألة ترددت إلى الجامع وصليت وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المغلق منه. ⦗١٧٨⦘

وكنت أرجع بالليل إلى داري فمهما غلبني النوم عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إلي قوتي.

إلى أن قال سألني جارنا أبو الحسين العروضي أن أصنف له جامعا في هذا العلم فصنفت له المجموع وسميته به وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة وصنفت الحاصل والمحصول في عشرين مجلدة والبر والإثم ثم مات الوالد وتقلدت شيئا من الأعمال.

وذكر من تصانيفه شيئا كثيرا منها لسان العرب عشر مجلدات وكتاب المبدأ والمعاد وغير ذلك وهي تنيف على مِئَة مجلد.

ثم ولي الوزارة مرتين لشمس الدولة بهمذان ثم حبس في ولاية ابنه تاج الملك بالقلعة ثم قصد علاء الدولة همذان وأخذها ثم أطلق ابن سيناء ورحل إلى علاء الدولة فبالغ في إكرامه.

قال تلميذه أبو عُبَيد الجوزجاني: وكان سبب تصنيفه كتاب لسان العرب أنه كان في حضرة الأمير وقد امتلأ المجلس من أكابر العلماء فتكلم الشيخ فناظرهم وقطعهم إلى أن جاءت مسألة في اللغة فتكلم فيها فقال له الشيخ أبو منصور اللغوي أنت حكيم ولو قرأت في اللغة ما نرضى من كلامك فيها فوجد وعلق بعد هذا على كتب اللغة مدة إلى أن صنف رسائل وضمنها من الألفاظ الحوشية ما لا عهد به وعتقها وأرسلها مع رسول من الأمير إلى الشيخ أبي منصور أنه وجدها في الفلاة ملقاة لما كان في الصيد فنظر فيها فوقف على أشياء وذلك بحضرة الشيخ فكان كلما وقف في كلمة قال له هي مذكورة في الباب الفلاني من الكتاب الفلاني فلما فطن لذلك اعتذر إليه , انتهى. ⦗١٧٩⦘

وذكره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب الملل والنحل لما سرد أسامي فلاسفة الإسلام فقال وعلامة القوم أبو علي بن سيناء كان طريقته أدق ونظره في الحقائق أغوص وكل الصيد في جوف الفرا.

وقال ابن أَبِي الدم الحموي الفقيه الشافعي شارح الوسيط في كتابه الملل والنحل: لم يقم أحد من هؤلاء يعني فلاسفة الإسلام مقام أبي نصر الفارابي، وَأبي علي بن سيناء وكان أبو علي أقوم الرجلين وأعلمهم إلى أن قال وقد اتفق العلماء على أن ابن سيناء كان يقول بقدم العالم ونفي المعاد الجسماني، وَلا ينكر المعاد النفساني ونقل عنه أنه قال إن الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي بل بعلم كلي.

فقطع علماء زمانه ومن بعدهم من الأئمة ممن يعتبر قولهم أصولا وفروعا بكفره وبكفر أبي نصر الفارابي من أجل اعتقاد هذه المسائل وأنها خلاف اعتقاد المسلمين.

ثم قال أبو عُبَيد الجوزجاني في آخر الجزء الذي جمعه في أخبار ابن سيناء: وكان يعتمد على قوة مزاجه حتى صار أمره إلى أن أخذه القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات فظهر به سحج ثم صرع فنقل إلى أصبهان واشتد ضعفه ثم اغتسل وتاب وتصدق ورد كثيرا من المظالم ولازم التلاوة.

ومات بهمذان في يوم الجمعة في رمضان سنة ٤٢٨ وله ثمان وخمسون سنة.

ومن شعره:

نعوذ بك اللهم من شر فتنة ... تطوق من حلت به عيشة ضنكا. ⦗١٨٠⦘

رجعنا إليك الآن فاقبل رجوعنا ... وقلب قلوبا طال إعراضها عنكا.

فإن أنت لم تبرئ عليل نفوسنا ... وتشفي عماياها إذا فلمن يشكا.

وقد أطلق الغزالي، وَغيره القول بتكفير ابن سيناء.

وقال ابن سيناء في الكلام على بعض الأدوية: وهو كما قال صاحب شريعتنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>