للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٩٠٩ - صدقة بن الحسين البغدادي الحنبلي الناسخ.]

متأخر سيء الاعتقاد , انتهى. ⦗٣١٠⦘

قال ابن الدبيثي: كان شيخنا ابن الجوزي سيء الرأي فيه يطلق القول بفساد معتقده ورداءة مذهبه.

قلت: وذكره في المنتظم فقال: ناظر وأفتى إلا أنه كان يظهر في فلتات لسانه ما يدل على سوء عقيدته وكان لا ينضبط فكل من يجالسه يعثر منه على ذلك فكان تارة يميل إلى مذهب الفلاسفة وتارة يعترض على القدر. وقال لي القاضي أبو يَعلَى بن الفراء: منذ كتب صدقة "الشفاء" لابن سيناء تغير.

وحكى ابن الجوزي من سوء اعتقاده أشياء إلى أن قال: ولما كثر عثوري منه على هذا هجرته ولم أصل عليه وكان قد سمع من أبي الحسن بن الزاغوني وسعيد بن البناء، وَأبي طالب اليوسفي، وَأبي عثمان بن ملة وكان مليح الخط نسخ الكتب.

وَأورَدَ له ابن الجوزي من شعره الدال على سوء معتقده:

لا توطنها فليست بمقام ... واجتنبها فهي دار الانتقام

أتراها صنعة من صانع ... أم تراها رمية من غير رام

مات سنة ثلاث وسبعين وخمس مِئَة.

وقد ذكر له ابن النجار ترجمة جيدة وذب عنه في أشياء نقلت عنه ووهى بعض ما ثلبه به ابن الجوزي.

وملخص ما ترجمه به أن قال: صدقة بن الحسين بن الحسن بن بختيار أبو الفرج الفقيه الحنبلي صاحب أبي الحسن بن الزاغوني برع في الفقه والأصول والكلام وقرأ المنطق والحكمة وكان متعففا غزير الفضل ذا قريحة حسنة وفطنة وذكاء.

وقد نسخ بخطه لنفسه ولغيره كثيرا وكان حسن الخط وكان يتقوت من أجرة نسخه، وَلا يطلب من أحد شيئا، وَلا يسكن مدرسة بل كان مقيما بمسجده يصلي فيه إماما ويقرىء الناس وينسخ نحوا من ستين سنة ⦗٣١١⦘

وله مصنفات حسنة وتاريخ ذيل به على تاريخ شيخه ولم يزل قليل الحظ منغص العيش مقترا عليه إلى أن اتفق أن الوزير ابن رئيس الرؤساء سأل عن مسألة في الحكمة فدلوه عليه فكتب له جوابا شافيا فأجرى له راتبا وبلغ خبره أم الخليفة فصارت تتفقده بأنواع من الأطعمة والحلوى.

وكان قد طعن في السن وسقطت أسنانه فكان لا يتمكن من تناول ما يشتهيه فيشكي لمن يدخل عليه من ذلك فنسبوه إلى الاعتراض على القدر وحكوا عنه أشياء من ذلك.

ثم نقل عن أحمد البندنيجي أنه دخل على صدقة يوما فوجده متضجرا فسأله فقال: كنت في شبابي وصحة شهوتي أعطى كل يوم من خبز الخمير فكنت إذا أردت أن آخذ برغيف منه باذنجانة أأتدم بها لا يكفيني الخبز فآكل الخبز بغير أدم.

فلما كبرت وعجزت وضعفت الشهوة والمعدة رزقت من الأطعمة اللذيذة ما أبصره وأتحسر عليه.

وذكر قصة غلامه وخيانته إياه في بيع ذلك.

وذكر قصة لابن المقفع أنه جمع ذلك في "من ارتد من حنقه ممن يخدمه" وقال: أريد أن يلحق اسمي في ذلك الكتاب.

ونقل عنه أنه قال لآخر: لما كانت لي أسنان صحاح ما كنت أقدر على ثمن التمر والآن لما ذهبت أسناني فتح علي من الحلوى التي لا أستطيع تناولها من يبسها فأزداد بنظري إليها حسرة قال: فكان الناس ينسبونه بهذا الكلام إلى الانحلال. ⦗٣١٢⦘

ونقل، عَن أبي الحسن القطيعي أنه سمع الوزير يثني على صدقة ويقول: نقل عنه ابن الجوزي أنه صلى إلى جانبه فما سمعه يقرأ ثم نسب ابن الجوزي إلى التحامل قال: لأن من جعل همته وهو يصلي إلى تتبع حال غيره يقدح ذلك في خشوعه ويدل على أنه يعاديه والمطلوب من المصلي أن يسمع نفسه لا أن يسمع من يليه.

ثم قال: إن صدقة سمع من ابن الزاغوني وإسماعيل بن ملة، وَأبي القاسم بن الحصين، وَغيرهم وحدث باليسير.

ثم ذكر وفاته وأن مولده كان في سنة ٤٦٧.

ثم نقل عن البندنيجي أنه قال: رأيت صدقة في حالة حسنة فسألته عن حاله فقال: غفر لي بتميرات تصدقت بها على أرملة.

قال: وقال: لا تشتغل بعلم الكلام فما كان علي أضر منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>