للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩ - فصل]

قال ابن المبارك: من ذا يَسْلم من الوَهَم (١)؟ وقال ابن معين: لست أعجب ممن يحدّث فيخطئ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب.

قلت: وهذا أيضًا مما ينبغي أن يُتوقف فيه، فإذا جُرح الرجل، بكونه أخطأ في حديثٍ أو وَهِمَ، أو تفرَّد؛ لا يكون ذلك جرحًا مستقِرًا، ولا يُردُّ به حديثه.

ومثلُ هذا إذا ضُعِّف الرجل في سماعه من بعض شيوخه خاصة، فلا ينبغي أن يُردّ حديثه كلُّه، لكونه ضعيفًا في ذلك الشيخ.

وقال الشافعي: إذا رَوَى الثقةُ حديثًا، وإن لم يروِهِ غيرُه، فلا يقال له: شاذ، إنما الشاذ أن يَروي الثقاتُ حديثًا على وجه، فيَرويَه بعضُهم فيُخالفَه، فيقال: شَذَّ عنهم، وهذا صواب، ومع ذلك فلا يَخرجُ الرجل بذلك عن العدالة، لأنه ليس بمعصوم من الخطأ والوَهَم إلَّا إذا بين له خطؤه فأَصرّ.

[١٠ - فصل]

وقال الشافعي في "الرسالة" (٢): "ولا تقومُ الحجة بخبر الخاصة - يعني بذلك خبرَ الواحد - إلَّا أن يكونَ من حَدَّث ثقة (٣) في دينه معروفًا بالصدق في حديثه، عاقلًا لما يُحدّث به، عالمًا بما يُحِيلُ معانيَ الحديث من الألفاظ.


(١) الوَهَمُ بفتح الهاء بوزن الغلط وبمعناه، ويختارون التعبير به بدَلَ الغلط، لغموض معناه بعض الشيء فهو آدَبُ، أما الوَهْمُ بسكون الهاء فهو أن يَسبق الخاطر أو اللسان أو القلم إلى شيء وأنت تريد غيره وتعلمُهُ على وجهه، وقد شرحتُ الفرق بين الوَهَم والوَهْم لغة ومعنى بتفصيل وتمثيل في آخر "الرفع والتكميل" من الطبعة الثالثة.
(٢) في "الرسالة" ص ٣٧٠ - ٣٧٢.
(٣) في ط و "الرسالة" ص ٣٧٠: "أن يكون مَنْ حدَّث به ثقةً".

<<  <  ج: ص:  >  >>