للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٧٠ - ذ - أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي أبو الطيب المتنبي [هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد وقيل: أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي]]

الشاعر المشهور.

ذكره ابن الطحان في "ذيل الغرباء" وقال: كان يتشيع وقيل: كان ملحدا.

قلت: هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد وقيل: أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي أبو الطيب المتنبي ولد سنة ثلاث وثلاث مِئَة ونشأ بالكوفة وأقام بالبادية وتعانى الأدب ونظر في أيام الناس ونظم الشعر حتى بلغ الغاية إلى أن فاق أهل عصره. ⦗٤٤١⦘

وانقطع إلى ابن حمدان فأكثر المدح فيه ثم دخل مصر ومدح كافورا وأقام مدة ثم ورد إلى العراق وجالس بها أهل الأدب وقرىء عليه ديوان شعره وسمع منه ديوانه أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي.

قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو الحسين محمد بن يحيى العلوي قال: كان والد أبي الطيب يلقب عيدان بفتح المهملة وسكون التحتانية فنشأ أبو الطيب يصحب الأعراب وأكثر من ملازمة الوراقين فبان علمه مع حفظه وزكاءه فذكر بعض الوراقين أنه رأى معه كتابا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين ورقة فأطال النظر فيه قال: فقلت له: إن كنت تريد حفظه فيكون بعد شهر فقال: فإن كنت حفظته في هذه المدة؟ قلت: فهو لك قال: فأخذت الدفتر من يده فسرده ثم استلبه فجعله في كمه.

قال: وكان يخرج إلى بادية كلب فأقام فيهم فادعى أنه علوي ثم ادعى النبوة ثم أخذ فحبس طويلا واستتيب وكان لؤلؤ أمير حمص خرج إليه فقاتله وشرد من معه من قبائل العرب وكان بعد ذلك إذا ذكر له ذلك ينكره ويجحده.

وكان من المكثرين من نقل اللغة حتى يقال: إن أبا علي الفارسي قال له: كم لنا من الجموع على وزن فِعْلَى؟ يعني بكسر أوله مقصورا فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربى.

قال أبو علي: فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد وحجلى جمع حجل وهو طائر معروف وظربى جمع ظربان وهي دويبة منتنة الرائحة. ⦗٤٤٢⦘

قال ابن خلكان: اعتنى العلماء بديوانه فشرحوه حتى قال لي بعض شيوخي: وقفت له على أربعين شرحا.

وقال أبو العباس النامي: كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي! وكان يستجيد قوله:

رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال.

فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال.

وقوله:

في جحفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان.

وكان مولده كما تقدم سنة ثلاث وقيل: سنة إحدى وثلاث مِئَة واتفقوا على أنه قتل في شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مِئَة.

قال القاضي ابن أم شيبان: سألته عن معنى المتنبي هل هو لقب من الألقاب أو له سبب من الأسباب؟ فقال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته صورة قال: فلم أستقصِ عليه استحياء منه والجواب الذي أجاب به لا يعين أحد الإحتمالين.

وذكر علي بن منصور في رسالته إلى المعري: أن المتنبي قبض عليه في وزارة علي بن عيسى وحبس ثم أحضره وسأله فاعترف بادعاء النبوة فأمر بصفعه بسمشكه فصفع خمسين صفعة وأعيد إلى الحبس. ⦗٤٤٣⦘

ويقال: إن ابن خالويه قال له في مجلس سيف الدولة: لولا أنك جاهل ما رضيت أن تدعى المتنبي، ومعنى المتنبي: كاذب والعاقل لا يرضى أن يدعى: الكاذب فأجابه بأنني لا أرضى بهذا، وَلا أقدر على دفع من يدعوني به واستمرت بينهما المشاجرة إلى أن أغضب ابن خالويه فضربه بمفتاح فخرج من حلب إلى مصر سنة ست وأربعين.

ومما يذكر من سرعة جوابه وقوة استحضاره أنه حضر مجلس الوزير ابن حنزابة وفيه أبو علي الآمدي الأديب المشهور فأنشد المتنبي أبياتا جاء فيها:

إنما التهنئات بالأكفاء.

فقال له أبو علي: التهنئة مصدر والمصدر لا يجمع فقال المتنبي لآخر بجنبه: أمسلم هو؟ فقال: سبحان الله هذا أستاذ الجماعة أبو على الآمدي قال: فإذا صلى المسلم وتشهد أليس يقول: التحيات؟ قال: فخجل أبو علي وقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>