فقالوا: كنتَ تدَّعي النبوة، فصِرْتَ تدَّعي الربوبية! فقال: ما أدَّعي الربوبية، ولكن هذا عَيْنُ الجمع، هل الفاعلُ إلَّا الله، وأنا واليَدُ آلة، فقيل: هل مَعَك أحد؟ قال: نعم، أبو العباس بن عطاء، وأبو محمد الجَرِيري، وأبو بكر الشِّبْلي.
فاُحضر الجريري فسُئل فقال: هذا كافرٌ يقتل. وسُئل الشبلي فقال: مَنْ يقول هذا يُمنع. وسُئل ابن عطاء عن مقالة الحلَّاج فقال بمقالته، فكان سببَ قتله.
وقال أبو عمر بن حَيُّويه: لما أخرج حُسين الحلَّاج ليقتل، مَضَيتُ في جملة الناس، ولم أزل أزاحِم الناس حتى رأيته، فقال لأصحابه: لا يهولنَّكم هذا، فإني عائدٌ إليكم بعد ثلاثين يومًا، ثم قُتل، رواها عنه عبيدُ الله بن أحمد الصَّيرفي، وإسنادُها صحيح.
ولا أرى يتعصَّب للحلاج، إلَّا مَن قال بقوله الذي ذَكر أنه عينُ الجمع، فهذا قولُ أهل الوَحْدة المطلقة، ولهذا ترى ابنَ عربيّ صاحبَ "الفصوص" يعظّمه ويقع في الجُنَيد، والله الموفِّق.
قَرأتُ بخط أبي يعقوب النَّجِيْرَمي: حدثني علي بن أحمد المهلَّبي قال: قال محمد بن طاهر الموسائي، حدثني أبو طاهر أسْبَهْدُوسْت الدَّيلمي قال: صار إلى الأمير معزِّ الدولة وهو بالأهواز ابنُ الحلَّاج الذي قُتل عندكم ببغداد، وكان يدَّعي ما يدَّعيه أبوه، فقال له: أنا أردّ يَدَك هذه المقطوعةَ حتى لا تُنكر منها شيئًا، وأردُّ على كاتبك الأعورِ عينَه الذاهبة حتى يُبْصِر بها، ثم أمشي على الماء وأنت تراني.
فقال لي الأمير: ما عندَك في هذا؟ فقلتُ: ترد أمره إليَّ، قال: قد فعلت، فأخذتُه فأمرتُ بقطع يده فقُطِعت، ثم قلت: اردُدْ الآن يدك حتى نعلم