للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخلاف، وناظر. ثم قرأ الأدب، ومَهَر في النظم والنثر، وخدم الخلفاء بالمدح، وكان وقورًا وافرَ الحُرمة، وقيل: إن سبب تلقّبه بيتٌ قاله في أبيات يفتخر:

وإني سوفَ أرفَعُكم ببأسِي … وإنْ طالَ المَدَى في حَيْصَ بَيْصَا

ومن شعره ما أنشد ابن النجار، عن قيصر بن مظفَّر، عنه، قال: أنشدنا ابن الصِّيفي لنفسه:

إذا قيل: الكريمُ أخو العَطَايا … وبَذَّالُ الرَّغائب والنَّوالِ

فأكرمُ منه ذُو أَنَفٍ أبيٌّ … يَصُون الوجهَ عن ذُلّ السؤال

وقال ابن السمعاني: سمعتُ الخَضِرَ بن مروان يقول: دخل الحَيْصَ بَيْصَ على علي بن طِراد الزَّينبي، وهو وزير، فوجد المجلس غاصًّا بالناس، فناداه: يا علي بن طِراد، يا رفيعَ العِماد، يا أخا الأجواد، انغصَّ المجلسُ، فأين أجلس؟ قال: مكانَك، قال: على قَدْر مَنْ؟ قال: على قَدْر الوقت.

وقال الحسن بن عمرو بن دِهْن النَّحْوِي (١) المهيلي: دخلت بغداد، فقصدتُ الأخذ عن الحَيص بَيص، فلم أصادفه في منزله، فبينا أنا في دَرْب، إذا أنا بفارسٍ متقلّد سيفًا، وفَرَسُهُ يلعبُ تحته، وخلفه غلامٌ راكبٌ ومعه عَلَم، وهناك رأيته وصبيٌّ يمشي، فخشي الحَيْصَ بَيْصَ أن تطأه الفرس، فقال: يا غلام، ارْقَ هذا النَّشْزَ، لئلا يطأك الجوادُ بسَنابِكِه، فلم يفهم الصبيُّ كلامَه، فلولا أن بعضَ العامة أدرك الصبيَّ فَحَوَّله عن طريقه: أصيب الصبيُّ، فقلت: من هذا البدويُّ؟ قال: هذا الحَيْصَ بَيْصَ.

وذَكَر ابنُ السمعاني، عن إبراهيم بن سعيد التاجر قال: سمعتُ أنَّ والدَ الحيص بيص كان يقول: ما عرفتُ أنّي من بني تميم، حتى أخبرتْني أمي بذلك في سَفْرة (٢).


(١) له ترجمة في "معجم الأدباء" ٣: ٩٧٢ و "نزهة الألباب" ١: ٢٦٧.
(٢) هكذا في ط ٣: ٢٠. وفي الأصول: سعوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>