للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البدع كلِّهم، ولا تحمِل العلمَ عمن لم يُعرَف بالطلبِ ومُجالسةِ أهل العلم (١)، ولا تحمل العلم عمن يَكذِب في حديث النبي ، ولا عمن يَكذِب في حديث الناس، وإن كان في حديث النبي صادقًا، لأن الحديثَ والعلمَ إذا سُمع من الرجل، فقد جُعل حُجَّةً بين الذي سمعه وبين اللّه تعالى، فلينظر عمن يأخذُ دينَه.

وقال علي بن المديني: سمعتُ يحيى بن سعيد القطان يقول: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون فيه خِصال: أن يكون ثَبْتَ الأخذ، ويَفهمَ ما يُقالُ له، ويُبْصِرَ الرجالَ، ثم يَتعاهَدَ ذلك (٢).

وقال ابن مهدي: قيل لشعبة: من الذي يُترَكُ حديثُه؟ قال: إذا رَوَى عن المعروفين ما لا يَعرفه المعروفون فأكثرَ طُرِح حديثُه، وإذا أكثر الغلطَ طُرح حديثُه، وإذا اتُّهِم بالكذب طُرح حديثه، وإذا رَوَى حديثًا غلطًا مُجتمَعًا عليه، فلم يَتَّهِم نفسَه عليه طُرح حديثُه، وأما غيرُ ذلك فاروِ عنه (٣).

وقال ابن مهدي: الناسُ ثلاثة: رجلٌ حافظ متقن (٤)، فهذا لا يُختلَف فيه. وآخَرُ يَهِم، والغالبُ على حديثه الصحة، فهذا لا يُترك حديثُه، ولو تُرِك حديثُ مثلِ هذا، لَذَهب حديثُ الناس. وآخَرُ يَهِمُ، والغالبُ على حديثه الوَهَم، فهذا يُترك حديثُه (٥).


(١) لقد اتَّصَف بهذا الذي ينهى عنه الإِمامُ مالك - عدمِ المعرفة بالطلب وعدمِ مجالسة أهل العلم - كثيرٌ أو الأكثرُ اليومَ! بل اتصفوا بأطمَّ منه! فتلقَّوْا عن الصُّحُف أو عن الصَّحَفِيّة وقعدوا يُصحِّحون ويُضعِّفون، ويُبدِّعون ويُضلِّلون، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون!
(٢) "الكفاية" ١٦٥.
(٣) "المحدث الفاصل" ٤١٠.
(٤) تقدم تعليقًا في ص ١٩٩ شرح معنى (المتقِن).
(٥) "المحدث الفاصل" ٤٠٦، "الكفاية" ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>