ويقال: كان اسم أبيه ذادُوْيَهْ، وهو الذي عَرَّب "كليلة ودِمْنَة".
فمِن حِكَمه أنه قال: احرص على أن توصَف بأنك لا تعاجل بالثواب ولا بالعقاب، ليكون ذلك أدومَ لخوف الخائف، ورجاء الراجي. والرأيُ لا يتَّسع لكل شيء فاصرفه للمُهمّ. والمالُ لا يسع الناسَ فاصرفه في الحق. والإِكرام لا يمكن على العموم فخُصَّ به أهل الفضل.
وذكر ابن عدي بسنده إلى محمد بن عُمارة قال: قال إسماعيل بن مسلم: استشرت ابن المقفّع في أمر أَهَمَّني، فأجاد في الرأي (١).
وحكى الجاحظ أن ابن المقفّع، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد، كانوا يُتَّهمون، ويقال: إن ابن المقفّع مر ببيت نارِ المجوس، فَتَمثَّل:
يا بيت عاتكة الذي أتغزَّلُ … الأبيات.
ونُقل عن المهدي أنه قال: ما رأيت كتابًا في زَنْدقة إلَّا وهو أصله.
وكان قتلُه بالبصرة بأمر المنصور سنة أربع وأربعين ومئة، لأن المنصور لما ظَفِر بعمه عبد الله بن علي، بعد أن كان خرج بالشام بعد موت السفاح، وادعى أن السفاح عَهِد إليه، وغلب على دمشق، وكان أميرَها، فجهَّز إليه المنصور أبا مسلم الخراساني فهزمه، فدخل البصرةَ، فاستأمن له أخواه عيسى وسليمان المنصورَ فآمنه.
فطلب عبدُ الله من يرتِّب له كتابَ أمانٍ لا يستطيع المنصورُ أن يَنْقُضه، وكان ابن المقفَّع كاتب سليمان أمير البصرة، فأمره فكتب نسخةَ الأمان، ومن جملته:"ومتى غَدَر أميرُ المؤمنين بعمِّه عبد الله، فرقيقُه أحرار، ونساؤه طوالق، والمسلمون في حِلّ من بيعته".
فاشتد على المنصور، وأمر سفيان بن معاوية المهلَّبي - وكان يعادي ابن
(١) "الكامل" ١: ٢٧٩ في ترجمة إسماعيل بن مسلم المكي.