وقال الذهبي: أحضر لنا الأمير محمد بن إسماعيل التِّيْتِيُّ إجازةً عتيقةً قد أجاز فيها لعبد الخالق بن الأنجب النِّشْتِبْرِي ولغيره في سنة ٥٤١ جماعةٌ منهم: عبد الله بن الفُرَاوي، وعبد الخالق بن زاهر، وغيرهما.
فهي صحيحة لا ريب فيها، وإنما يُخشى أن تكون باسم أخٍ له أكبرَ منه، وإلَّا فقد رَحَل ابنُ الحاجب وغيرُه بعد العشرين، فلم يَعْبَأوا بذلك، ولو عرفوا بها لكانت من أعلى ما يُرْوَى، فكيف بمن تأخَّرَتْ.
وكانت وفاة النِّشْتِبْرِي سنة ٦٤٩.
وذكره أبو القاسم بن العَدِيم في "تاريخ حلب" فقال في حَقِّه: الفقيه الشافعي المعروف بالحافظ، فقيه فاضل، له معرفة بالفقه والحديث واللغة، وقد اجتمعت به بمارِدين في قَلْعتها في مجلس المناظرة عند صاحبها، وكلامه حسن، ثم اجتمعت به في رَبَضِها، وسمعت منه شيئًا من الحديث، وذكر لي أنه قدم إلى حلب في رسالة، ووجدته متطلِّعًا إلى المُقام بها.
وأوقفني على إجازة ادَّعى أن اسمه فيها، وفيها خط وَجِيه بن طاهر، وأبي منصور الجَوَاليقي، وغيرهما من أهل عصرهما، فوجدتها مزوَّرة، وقد قطع الورقة الأولى وغَيَّرها، وكتب اسمَهُ فيها.
وأراد أن يَحْكِيَ خَطَّ الاستِدْعاء، وقد بقي منه أسطرٌ في الوِجْهة المقابِلة للأولى، فما حاكاه، فأعاد على خَطِّه، وعلى الخطِّ الذي يليه فيما بقي من الاستدعاء، لِيُشْبه الخطُّ الأولُ الثانيَ، فلم يَشْتَبِهْ عَلَيَّ، وظَهَر لي التبايُنُ من الخَطَّين، وكان سماعُه صحيحًا، لكنه أفسد نفسه بشَرَهِهِ هذا.
وقال لي الشيخ نجم الدين البَاذَرَائي: قال لي إبراهيم بن أبي عيسى: العجبُ من الحافظ ابن الأنجب في كونه يزعُم أن عمره مئة وعشر سنين، وهو من أقراني، وكنا نتَعاشرُ، ونحن لم نبلغ الحُلُم، وأنا ما بلغت الثمانين إلى الآن، فمن أين جاءه زيادةُ ثلاثين سنة!؟