فإن كثرةَ التبحُّر في الكلام، ربما أضر بصاحبه، ومِن حُسْن إسلام المرء تركهُ ما لا يَعنيه، انتهى.
وهذا الرجل من كبار الأئمة، نَعَمْ كان معتزليًّا، ثم أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك، وصَحَّت توبته، ثم صنَّف في الرد عليهم. وقد أثنى عليه أهلُ عصره، ومن بعدهم، وأطراه ابن الجوزي، وعَوَّل على كلامه في أكثر تصانيفه.
وقال أبو سعد بن السمعاني: علي بن عَقيل بن محمد بن عَقيل بن محمد بن عبد اللّه الحنبلي، أبو الوفاء، كان إمامًا، فقيهًا، مُبَرِّزًا، مناظرًا، مجوِّدًا، كثير المحفوظ، مليح المحاورة، حسن العشرة، مأمون الصحبة.
سمع الجوهري، وأبا بكر بن بشران، وأبا يعلى بن الفراء، وجماعة. وأجاز لي سنة ثمان وخمس مئة.
وروى لي عنه جماعة، منهم أبو المعمَّر الأنصاري، وأبو المظفر السِّنجي، وأبو القاسم الناصحي وآخرون. وأنشد لمسعود بن محمد بن غانم الأديب فيه مدحًا.
قال: وكان مولده سنة ثلاثين وأربع مئة أو بعدها بسنة. ومات في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وخمس مئة.
وقال ابن النجار: أخذ الفقه عن أبي يعلى بن الفراء، ورزق اللّه التميمي، والأصولَ عن أبي الطيب الطبري، وابن الصباغ، والدامَغاني.
وكان فقيهًا، مُبَرِّزًا، مناظرًا، كثير المحفوظ، حادَّ الخاطر، جيد الفكرة، متمكِّنًا من العلم، وكان دائم التشاغلُ بالعلم.
وله تصانيف كثيرة، منها "الفنون" يشتمل على ست مئة مجلد، أو أكثر، ملأه من دامغاته ومناظراته وملتَقَطاته، طالعتُ أكثره.