للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مَعْمَر بن الفاخِر: رأيته في السُّوق وقد رَوَى مناكير بأسانيدِ الصحاح، فكنتُ أتأمَّلُه تأملأ مُفْرطًا، أظنّ أن الشيطان تَبَدَّى على صورته.

قلت: مات سنة ثلاثين وخمس مئة، انتهى.

وقال ابن طاهر: كان أبوه يَحْفِر الآبار، ورَحَل هو في صِغَره فسمع ببغداد، ورجع منها إلى أصبهان، ولم يتجاوَزْها، ثم رحل إلى خُراسان، وأدرك الإِسناد (١)، ولم يقتصر على ذلك، حتى مَدَّ يدَه إلى مَنْ لم يره من بلدانٍ شتى، فأفسد الأول والآخر. ولما كان بهَرَاة، قصدني وطلب مني شيئًا من حديث المكّيين والمِصْريين فأخرجتُ له، ثم بلغني أنه يُحدِّث عن المشايخ الذين حدّثتُ عنهم.

وبلغ القصةُ (٢) شيخَ البلد الهَرَويَّ يعني أبا إسماعيلَ الأنصاري، فسأله عن لُقِيّه لهؤلاء الشيوخ؟ فقال: سمعتُ مع هذا المَقْدِسي منهم، فسألني الشيخُ فقلت: ما رأيتُه قطّ إلَّا في هذا البلد، فقال له الشيخ: أحجَجْتَ؟ قال: نعم، قال: فما علامةُ عَرَفة؟ قال: دخلنا ليلًا، قال: يجوز، فما علامة مِنَى؟ قال: كنّا بها باللّيل، فقال: ثلاثةُ أيام وثلاثُ ليالٍ ما طلع لكم الصبحُ؟ لا بارك اللّه فيك، وأمَرَ بإخراجه من البلد، وقال: هذا دجَّال من الدجاجلة.

ثم انكشف أمرُه بعد ذلك، ولحقه شؤم الكذب وعُقوقِ المشايخ، حتى صار آيةً في الكذب، وكان يكذب لنفسه ولغيره في الإِجازات، حتى كان له جُزء استدعاءِ إجازاتٍ، كُلَّ حينٍ يُلْحِق فيه أسماءَ أقوام من أهل الثروة، ويَكتُب لهم عن أولئك المشايخ أحاديثَ تُقْرَأ عليهم ويَشْحَذُهم بها، فقال لي أبو محمّد السَّمَرْقَندي: قد عزمتُ على أن آخذَ منه الجزء ولا أردَّه إليه، ففعل ذلك،


(١) الإِسناد، بالنون، هكذا في ص، وفي "المقفى" ونسخة ك: "الأستاذ".
(٢) كذا في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>