ونقل المقريزي في "المقفى" عن الكندي أيضًا أنه قال: "وقتل أبو عُلاثة محمد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبةَ الجَنْبي، وكان رجلًا ذا لسانٍ وعارضة، وكان ممقوتًا عند كثير من الناس، فزلّت به القدمُ، فتشاهد عليه قوم من سفل الناس وأوغادهم، وتغنّم السلطان منهم ذلك، فقبل شهادتهم، فضُرب مرارًا، وأرادوا بذلك أن يذلّوه، فمات من ضربهم إيّاه. وانكشف للناس ظلمهم له. . .". ونقل المقريزي عن ابن يونس أنه قال: "توفي ليلة الخميس لست بقين من رمضان سنة ٢٩١، شُهِدَ عليه بزُور، فضُرب، فمات من ذلك الضرب، في الحبس. وكان في لسانه فَضْل، فتكلَّم في بعض عُمَّال البَلَد، فاستدعى عليه شهادة جماعة ممن كان يَشْنَؤُه، فشهدوا عليه". قال المقريزي: وكان قتل أبي عُلاثة في إمارة هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون". انتهى ما نقلته عن "المقفى". قلت: وفيما نقلتُه هنا تفصيل لكثير مما أجمله المؤلف، وفيه أن الذين شهدوا عليه هم من سفلة الناس وأوغادهم، وكانت الشهادة زُورًا، وكان سبب الضرب والحبس هو كلامه في بعض عُمَّال البَلَد، والمقصود بابن طولون هو هارون بن خمارويه. فيتحصَّل من هذا أن الرجل معروف، ولم يذكر فيه ابن يونس جرحًا، وهو أعلم بالمصريين من غيره.