بل ابنُ جرير من كبار أئمة المسلمين المعتَمَدين، وما ندَّعي عصمتَه من الخطأ، ولا يحل لنا أن نؤذيَه بالباطل والهَوَى، فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يُتأنَّى فيه، ولا سيما في مثل إمام كبير.
فلعل السليمانيَّ أراد الآتيَ [٦٥٨٠]، انتهى.
ولو حلفتَ أن السليمانيَّ ما أراد إلَّا الآتيَ لَبَرَرْتَ. والسليمانيُّ حافظ متقن، كان يدري ما يَخْرُج من رأسه، فلا أعتقد أنه يطعنُ في مثل هذا الإِمام بهذا الباطل، والله أعلم. وإنما نُبِز بالتشيّع لأنه صحَّح حديث غَدِير خمّ.
وقد اغتر شيخ شيوخنا أبو حيان بكلام السليماني، فقال في الكلام على (الصِّراط) في أوائل "تفسيره": "وقال أبو جعفر الطبري، وهو إمامٌ من أئمة الإِمامية: الصراطُ بالصاد: لغةُ قريش"، إلى آخر المسألة. ونبهتُ عليه لئلا يُغتَرَّ به، فقد ترجمه أئمة النقل في عصره وبعده، فلم يَصِفُوه بذلك.
وإنما ضَرَّه الاشتراكُ في اسمه واسم أبيه ونِسْبته وكُنْيَته ومعاصَرَته وكثرة تصانيفه، والعلم عند الله تعالى، قاله الخطيب.
وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن علي بن محمد بن سهل بن الإِمام، قال: سمعت أبا جعفر الطبري وجرى ذكرُ على فقال أبو جعفر: مَنْ قال: إن أبا بكر وعُمر ليسا بإمامَيْ هُدىً أيشٍ هو؟ فقال له ابن الأعلم: مبتَدع، فقال له الطبري منكِرًا عليه: مبتدع مبتدع، هذا يُقتَل، مَنْ قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامَيْ هُدىً، يُقْتَل يُقْتَل.
وقد سمع محمدَ بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، والفلّاس، وبندارًا، وأبا موسى، ومحمد بن حُميد الرازي، وخلقًا كثيرًا.