وله تصانيف كثيرة، وتفرد بمسائل حُفظت عنه، بلغني عن أبي حامد الفقيه أنه قال: لو سافر رجلٌ إلى أقصى الصِّين حتى يحصِّل "تفسير" ابن جرير لم يكن كثيرًا.
وقال ابن بالُوْيَهْ الحافظ: قال لي ابن خزيمة: بلغني أنك كتبتَ "تفسير" ابن جرير؟ قلت: بلى كتبتُه عنه إملاء، قال: كله؟ قلت: نعم، من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين. قال: فاستعاره مني ابن خزيمة، فردَّه بعد سنتين، ثم قال: نظرتُ فيه من أوله إلى آخره، فما أعلم على أديم الأرض أعلمَ من ابن جرير، ولقد ظلمَتْه الحنابلة.
وقال أبو أحمد حُسَيْنَك التميمي: قال لي ابن خزيمة لما رجعتُ من الرِّحلة: سمعتَ من ابن جرير؟ فقلت: لا، وكانت الحنابلةُ مَنَعت الناس من الدخول إليه، فقال: لو سمعتَ منه لكان خيرًا لك من جميع مَنْ سمعتَ منه سِواه.
وقال أبو علي الطُّوماري: كنت مع أبي بكر بن مجاهد في رمضان، فسمع قراءةَ ابن جرير فقال: ما ظننتُ أن الله تعالى خلق بشرًا يُحْسِنُ يقرأ هذه القراءة.
قال أحمد بن كامل: توفي ابن جرير في شوال سنة عشر وثلاث مئة، وأخبرني أن مولده كان في أول سنة خمس أو آخِر سنة أربع وعشرين ومئتين. ولما مات لم يُؤْذَن به أحد، فاجتمع عليه مَنْ لا يحصيهم عددًا إلَّا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلًا ونهارًا.
(١) جاء في ط هنا زيادة: "صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها" وليست في الأصول.