قلت: حدّث بُعَيد المئتين عن أنس بعجائب. وروى عنه أيضًا حميد بن الرَّبيع، وعبد الرحمن بن عُمَر رُسْتَه.
قال أبو نعيم: قَدِم أصبَهان، فحدّث على المنبر عن أنس، فرُفع ذلك إلى جَرِير بن عبد الحميد فصدّقه، وكان المأمون أيضًا يُصدّقه.
قلت: تصديقهما لا يَنْفَعُه، فإنه مكشوفُ الحال. قال عليّ بن ثابت: هو أكذبُ من حِمارِي هذا. وقال أحمد بن سنان القطّان: سمعت محمد بن بلال الكِنْديَّ يقول: كان أبو هُدْبة عدوُّ الله، يُحفِّل الغنمَ عندنا (١).
وكذلك لا يَفْرَح عاقلٌ بما جاء بإسنادٍ مُظلمٍ عن يحيى بن بَدْرٍ قال: قال يحيى بن معين: أبو هُدْبة لا بأس به، ثقة، فهذا القولُ باطل، فقد قال إبراهيم بن عبد الله بن الجُنَيد: سمعت يحيى بن معين، وسئل عن أبي هُدْبة فقال: قدم علينا هاهنا، فكتبنا عنه عن أنس، ثم تبين لنا أنه كذّاب خبيثٌ.
قال محمد بن إسماعيل بن عطيّة البَصْري: حدثنا نصر بن علي، حدثنا بشر بن عمر قال: كان في جوارنا عُرْسٌ، فدُعَي له أبو هُدْبة صاحبُ أَنَس، فأكل وشرب وسَكِرَ وجعل يُغَني:
أخَذَ القَمْلُ ثِيابِي … فتَرَقَّصْتُ لَهُنَّهْ، انتهى
والحكاية التي أشار إليها المؤلف: في أول "بُغْية المستفيد" لابن عساكر.
وقال ابن حبان: دَجّال من الدجاجلة، كان لا يُعْرَف بالحديث ولا بكتابته، وإنما كان يُلْعَب ويُسْخَرُ به، وكان رَقّاصًا بالبصرة، يُدْعى إلى العُرْسان، فلما كَبِر وشاخ: زَعَم أنه سمع من أنس، وجعل يَضَع عليه.
(١) أي يترك حَلْبَها حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فيظنها المشتري غزيرة اللبن، فيزيد في ثمنها، وهذا من الغش والتدليس.