فصاح نجمُ الدين بن الحليم الفقيه: كفرتَ، كفرتَ، فقال له ابن إسرائيل: لا، ما كفرتُ، ولكن أنتَ ما تفهم هذه الأشياء، فحصلت بينهما مُشاجرة، وافترق ذلك الجمعُ، وسافر ابنُ إسرائيل فرارًا.
فمن نظمه المؤذِن بمعتَقَده:
إن غَيَّبَتْ ذاتَها عني فلي بَصَرٌ … يَرَى محاسنها في كلِّ إنسانِ
في القَلْب سِرٌّ لليلى لو نطقتُ به … جَهْرًا لأفتَوا بكُفْرِي بعد إيماني
ومنه:
أراه بأوصاف الجمال جميعِها … بغير اعتقادٍ للحلول المفنَّدِ
ففي كلِّ هيفاءِ المعاطف غادةٍ … وفي كل مصقولِ السَّوالف أغيدِ
وعند اعتناقي كلَّ قَدّ مُهَفْهَف … ورَشْفي رُضَابًا كالرَّحِيق المبرَّدِ
وفي الدُّرِّ والياقوتِ والمِسْك والحُلَى … على كل ساجِيِّ الطَّرْف لَدْن المقلَّدِ
وفي الرَّاح والرَّيحان والسَّمْع والغِنا … وفي سَجْع تَرْجيعِ الحَمَام المغرِّدِ
وفي الرَّوضة الغَنَاء غِبَّ سَمَائها … يُضاحِك نُورُ الشَّمس نُوَّارَها النَّدِي
وفي صَفْو رَقْراق الغَدِير إذا حَكَى، … وقد جعَّدَتْه الرِّيحُ، صفحةَ مَبْرَدِ
وفي حُسْن تَنْميق الخطاب، وسُرْعة الْـ … جواب، وفي الخط الأنيقِ المجوَّدِ
وفي رحمة المعشُوق شكوى مُحِبِّه … وفي رِقَّة الألفاظ عند التودُّدِ
واستمر يقول: وفي، وفي، إلى أن كاد يستوعب، ثم قال:
كذلك أوصافُ الجَلال مَظاهِرٌ … أُشاهده فيها بغير تردُّدِ
ففي صولة القاضي الجليلِ وَقارُهُ … وفي سَطْوة السلطان عند التمرُّدِ
وفي شدَّة الليث الهَصُور برأسه … وفي شَدِّ عِيسٍ بالسَّقام مبلَّدِ
وعند خُشوعي في الصلاة لِعِزَّة الْـ … مُناجَى، وفي الإِطْراق عند التشهُّد