للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير، وعَظَّم أمره، ثم قال: كان داوُديَّ المذهب، وسألته عن ذلك فقال: اخترتُ مذهبَ داود، فقلت له: ولم؟ قال: كذا اتَّفَق.

قلت: وهذا أصح مما قال ياقوت في "معجم الأدباء" في ترجمة علي بن فَضَّال المُجاشِعيّ (١): "كان ابن طاهر وَقَّاعًا في مَنْ ينتسب إلى مذهب الشافعي، لأنه كان حنبليًا" فإن ابنَ طاهر ما كان حنبليًا، بل هذه صفةُ ابن ناصر، لأنه كان شافعيًّا، ثم تحنْبَل وتعصَّب، فلعل ياقوت انتقل ذهنُه من ابن ناصر لابن طاهر، وفي الكلام ما يؤخذ منه كون ياقوت شافعيًّا.

وقال أبو مسعود الحاجي: سمعت ابن طاهر يقول: بُلْتُ الدَّم في طلب الحديث مرتين، وما ركبتُ دابةً قطُّ في طلب الحديث، وما سألتُ أحدًا في حال الطلب شيئًا.

وقال السمعاني: سمعت بعض المشايخ يقول: كان ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا من سبعةَ عَشَر فَرْسَخًا، وكان يمشي على الدَّوام في الليل والنهار عشرين فرسخًا.

قال الدقاق في "رسالته": كان ابن طاهر صوفيًا مَلامتِيًا، له أدنى معرفة بالحديث في باب الشَّيخين (٢)، وذُكِر لي عنه حديثُ الإِباحة (٣)، أسأل الله أن يعافِينا منها، وممن يقول بها من صُوفيَّة وَقْتِنا.


(١) ٤: ١٨٣٧.
(٢) في "السير": "في باب شيوخ البخاري ومسلم" وعلَّق على كلام الدقاقِ الذهبيُّ في "السير" ١٩: ٣٦٤ فقال: "يا ذا الرجل، أقصِر، فابن طاهر أحفظ منك بكثير".
(٣) قال الذهبي في "السير" ١٩: ٣٦٤: "قلتُ: ما تعني بالإِباحة؟ إن أردتَ بها الإِباحة المطلَقَة، فحاشا ابن طاهر، هو - والله - مسلم أثري، معظِّم لحرمات الدين، وإن أخطأ أو شذ، وإن عنيتَ إباحة خاصة، كإباحة السَّماع، وإباحة النظر إلى المُرْدِ، فهذه معصية، وقولٌ للظاهرية بإباحتها مرجوح".

<<  <  ج: ص:  >  >>