ومما أنكر عليه أنه كان يفضِّل الولاية على النبوة، ويحتجّ بحديث:"يَغْبِطهم النبيُّون"، قال: لو لم يكونوا أفضل لَمَا غَبَطُوهم.
وذكره أبو القاسم القشيري في "الرسالة" فحكى هاتين الحكايتين عن السُّلمي وقال: كان من كبار الشيوخ، وله تصانيف في علوم القَوم.
وذكره القاضي كمال الدين بن العديم، صاحب "تاريخ حلب"، في جزء له سماه "اللَّمْحَة في الرد على ابن طلحة" فقال فيه: وهذا الحكيم الترمذي، لم يكن من أهل الحديث وروايتِهِ، ولا عِلْمَ له بطُرُقه ولا صناعته، وإنما كان فيه الكلامُ على إشارات الصوفية والطرائق، ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق، حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء، واستَحَقّ الطعنَ عليه بذلك والإِزْراء، وطعن عليه أئمةُ الفقهاء والصوفية، وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية، وقالوا: إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة، وملأ كتبَه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة، وعَلَّل فيها جميعَ الأمور الشرعية التي لا يُعْقَل معناها بعللٍ ما أضعَفَها وما أوهاها.
قلت: ولعمري لقد بالغ ابنُ العديم في ذلك، ولولا أن كلامه يتضمَّن النَّقْلَ عن الأئمة أنهم طعنوا فيه، لَمَا ذكرتُه، ولم أقف لهذا الرجل مع جَلالته على ترجمةٍ شافية، والله المستعان.
وقد ذكره أبو نعيم في "الحلية" فقال: صَحِب أبا تراب النَّخْشَبِي، ولقي يحيى بن الجَلَّاء، وصنف التصانيف الكثيرة في الحديث، وهو مستقيمُ الطريقة، تابعٌ للأثر، يردّ على المرجئة وغيرهم من المخالفين.
وذكر أشياءَ من كلامه، لم يزد على ذلك، سوى سياقِ أشياء من كلامه، منها قوله: كَفَى بالمرء عيبًا أن يَسُرَّه ما يَضُرُّه. ومنها قوله: وقد سئل عن الخلق فقال: ضعفٌ ظاهر، ودعوى عريضة.