فلما نزل الركبُ، توجَّها إلى الدَّير، فباتا فيه ليلحقا الركبَ بكرة، فسارَ الركبُ قبل أن يحضُرا، فاستمرا في ذلك الدير إلى أن عاد الحاج، فحلقا رؤوسهما ودخلا معهم، فقال مطيع في ذلك:
ألم تَرَني ويحيى إذ حَجَجْنا … وكان الحجُّ من خير التجارَهْ
خرجنا طالبَيْ خَيرٍ وبِرّ … فمالَ بنا الطريقُ إلى زُرَارهْ
فآب الناس قد غَنِموا وحَجّوا … وأُبْنا مُوْقَرِين من الخَسَارهْ
وقال العُتْبي: حدثني أبي عن شيخٍ من أهل الكوفة، أنه حدثه عن ظرفاء الكوفيين مثل: مطيع بن إياس، والحمادَيْنِ، ويحيى بن زياد، قال: ولم يكن يحدثني عن أحد منهم بأحسن مما يحدثني به عن مطيع.
قال: وكان مطيع لا يصبر أحد عنه إذا صَحِبه، ولا يصحبه أحد إلَّا افتَضَح، وكان مطيع قد مدح الوليدَ بن يزيد أيام خلافته، ونادمه، واختص بأخيه الغُمْرِ بن يزيد.
وأخرج أبو الفرج في "الأغاني" من طريق الفضل بن إياس الهُذَلي قال: أراد المنصور البيعة للمهدي، فاعترض عليه ابنُه جعفر بن أبي جعفر، ثم عزم فأحضر الناس، وقامت الخطباء والشعراء، فذكروا فضل المهدي فأكثروا، فقام مطيع بن إياس فتكلَّم فخطب وأنشد، ثم قال: يا أمير المؤمنين، حدثني فلان، عن فلان، [عن فلان](١)، أن النبي ﷺ قال:"المهديُّ محمد بن عبد الله، أمُّه يمانيَّة، يملأ الأرض عدلًا". وهذا العباس بن محمد أخوك يشهد بذلك، ثم أقبل على العباس فقال: أنشدُك اللهَ هل سمعتَ هذا؟ قال: نعم.
فلما انقضى المجلس قال العباس لمن يثق به: رأيتَ هذا الزِّنديق، ما