قال ابن رُشَيد: هذه القصة ليس الحمل فيها على أبي علي المغراوي، بأولى من الحمل على أبي العباس بن ثعبان، لأن بابَ الغَيْرة يُحتمل فيه ما لا يحتمل في غيره.
قلت: ونظير هذه الحكاية ما ذكره ابن رُشَيد المذكور في كتاب "الرِّحلة" له، قال: أخبرني الفقيه أبو بكر بن حَبِيش، حدَّثني أبو بكر بن مُحْرز مِنْ فَلْقِ فِيْهِ قال: أعملت السفر برَسْم الأخذ عن المحدّث أبي محمد بن عبيد الله الحَجْري، فبلغت إلى جهة مَرْبَلَة من عَدْوة الأندلس، وقصدي التوجّه إلى سَبْتة.
فلقيت هناك أبا الربيع بن سالم قافلًا من سبتة، فسلَّم بعضُنا على بعض، فسألته عن الشيخ فقال: ما جئت حتى وُوْرِي في التراب، فسُقِط في يدي، وأخذ بسمعي وبصري في الرجوع عن وِجْهتي، وقال: نتأنَّس بك في الطريق، حتى كاد يصرفُني عن وَجْهي، ثم مَنَّ الله العظيم بمخالفته، وتوجَّهت لسبيلي، فألفيت الشيخ حيًّا فأكثرتُ عنه، وطال الانتفاعُ به، ولزمتُه إلى أن مات.
قال: وهذه القضيَّة كانت سبب الوَحْشة بين أبي الربيع بن سالم، وابن حَبِيش حيًّا وميتًا، وكان أبو الربيع يُجامله.
وقال ابن عَسْكر في "رجال مالَقَة": ولد سنة ست وعشرين وأربع مئة، ومات سنة ست وعشرين وخمس مئة، وكان أبو جعفر بن الباذِش يتَّهمه ويقول: إنه كان يزيد في سِنِّه، ويدَّعي في القراءات ما لم يسمعه.
وقال ابن بَشْكُوال: كانت له رحلة إلى المشرق، وحج فيها، فلقي أبا معشر الطبري وغيره، ولقي أيضًا أبا عبد الله بن شريح، وأبا الوليد الباجي. قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعّفه.
وقال أبو علي الرُّنْدِي: تكلم ابن الباذِش في منصورٍ هذا، وأبلَغَ، وأظهر التعسُّف في أمره، فأخبرني أبو بكر بن أبي زَمَنَيْن، عن المحدث أبي بكر بن