بُعْد، فإن الكندي كان إذ ذاك بدمشق، وقد حدَّث "بتاريخ" الخطيب مرارًا، بسماعه من بعض أصحابه.
قال ابن مَسْدي: فلما وصل كتابه إلى أبي الربيع بن سالم، بالغ في الإِنكار على هذا الذي زعم أنه سمع من مسعود بن الحسن الذي له إجازةٌ من الخطيب.
قال ابن مسدي: فلما كان بعد ذلك أخرجتُ له خط تاج الدين الكندي، بسماعه من أبي منصور القزاز، بسماعه من الخطيب، فقال: هذا أدهى من الأول! كيف يكتب أبو الحسن بانقراض هذا الإِسناد قبل الست مئة، ونقبل ما يأتي بعد الست مئة.
وأقول: يحتمل أن يكون ابن المفضَّل أراد بقوله: "ببلادنا" الديارَ المصرية على ظاهر اللفظ، وهو صادق في ذلك، ولعل عُذْرَه عن طلب ذلك لهم من دمشق إعجالُ قاصدهم، فأجاب بذلك، ولعله كان من قَصْده أن يحصِّل لهم ذلك من البلاد الشامية أو العراقية.
ولابن مَسْدي بادرة صَعْبة، فلا يُلتفت إليه معها.
وقد دلت هذه الحكاية على عِظَم قدر أبي الحسن بن المفضَّل في صدر أبي الربيع بن سالم، نَعَم وعلى قلة تمهُّر ابن سالم في هذا الشأن، فقد كان بأصبهان في الوقت الذي أَنْكَر فيه ما أنكر، وهو على رأس الست مئة: مَنْ يروي عن واحد عن أبي نعيم الذي هو شيخ الخطيب، فضلًا عن الخطيب، ولكن غلب على أسانيد أهل المغرب النزولُ فأَلِفُوه، فإن الذي كان يروي لهم في هذا العصر عن السِّلفي بالسماع قليل، فضلًا عمَّن يروي من أصحاب الخطيب.
وقد تأخر شخصٌ يروي حديث الخطيب بنظير علوّ الكِنْدي، لكن